وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَمَا يَقَعُ فِي الْوُجُودِ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ هِيَ مُرَادَةٌ لِلَّهِ إرَادَةً كَوْنِيَّةً دَاخِلَةً فِي كَلِمَاتِهِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يُرِدْهَا إرَادَةً دِينِيَّةً وَلَا هِيَ مُوَافِقَةٌ لِكَلِمَاتِهِ الدِّينِيَّةِ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَلَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ فَصَارَتْ لَهُ مِنْ وَجْهٍ مَكْرُوهَةً. وَلَكِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِمَنْزِلَةِ قَبْضِ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْرَهُهُ؛ وَالْكَرَاهَةُ مُسَاءَةُ الْمُؤْمِنِ وَهُوَ يُرِيدُهُ لِمَا سَبَقَ فِي قَضَائِهِ لَهُ بِالْمَوْتِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِرَادَتُهُ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ لَهُ وَرَحْمَةٌ بِهِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: {أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْضِي لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إلَّا كَانَ خَيْرًا لَهُ إنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ} . وَأَمَّا الْمُنْكَرَاتُ فَإِنَّهُ يُبْغِضُهَا وَيَكْرَهُهَا؛ فَلَيْسَ لَهَا عَاقِبَةٌ مَحْمُودَةٌ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ إلَّا أَنْ يَتُوبُوا مِنْهَا فَيُرْحَمُوا بِالتَّوْبَةِ وَإِنْ كَانَتْ التَّوْبَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَسْبُوقَةً بِمَعْصِيَةِ؛ وَلِهَذَا يُجَابُ عَنْ قَضَاءِ الْمَعَاصِي عَلَى الْمُؤْمِنِ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا وَإِنَّمَا تَنَاوَلَ الْمَصَائِبَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ إذَا تَابَ مِنْهَا كَانَ مَا تَعْقُبُهُ التَّوْبَةُ خَيْرًا فَإِنَّ التَّوْبَةَ حَسَنَةٌ وَهِيَ مِنْ أَحَبِّ الْحَسَنَاتِ إلَى اللَّهِ وَاَللَّهُ يَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ إذَا تَابَ إلَيْهِ أَشَدُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْفَرَحِ وَأَمَّا الْمَعَاصِي الَّتِي لَا يُتَابَا مِنْهَا فَهِيَ شَرٌّ. عَلَى صَاحِبِهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدَّرَ كُلَّ شَيْءٍ وَقَضَاهُ؛ لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute