للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّمَاءِ يُرَادُ بِهِ الْعُلُوُّ سَوَاءٌ كَانَتْ فَوْقَ الْأَفْلَاكِ أَوْ تَحْتَهَا قَالَ تَعَالَى: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إلَى السَّمَاءِ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} وَلَمَّا كَانَ قَدْ اسْتَقَرَّ فِي نُفُوسِ الْمُخَاطَبِينَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى؛ وَأَنَّهُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ: إنَّهُ فِي السَّمَاءِ أَنَّهُ فِي الْعُلُوِّ وَأَنَّهُ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ. وَكَذَلِكَ الْجَارِيَةُ لَمَّا قَالَ لَهَا أَيْنَ اللَّهُ؟ قَالَتْ فِي السَّمَاءِ إنَّمَا أَرَادَتْ الْعُلُوَّ مَعَ عَدَمِ تَخْصِيصِهِ بِالْأَجْسَامِ الْمَخْلُوقَةِ وَحُلُولِهِ فِيهَا وَإِذَا قِيلَ: الْعُلُوُّ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ مَا فَوْقَ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا فَمَا فَوْقَهَا كُلَّهَا هُوَ فِي السَّمَاءِ وَلَا يَقْتَضِي هَذَا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ظَرْفٌ وُجُودِيٌّ يُحِيطُ بِهِ إذْ لَيْسَ فَوْقَ الْعَالَمِ شَيْءٌ مَوْجُودٌ إلَّا اللَّهُ كَمَا لَوْ قِيلَ: الْعَرْشُ فِي السَّمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْعَرْشُ فِي شَيْءٍ آخَرَ مَوْجُودٌ مَخْلُوقٌ وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ السَّمَاءَ الْمُرَادُ بِهَا الْأَفْلَاكُ: كَانَ الْمُرَادُ إنَّهُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَ: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُم فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} وَكَمَا قَالَ: {فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} وَكَمَا قَالَ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ} وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي الْجَبَلِ وَفِي السَّطْحِ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَعْلَى شَيْءٍ فِيهِ.