الْقَدْرَ مِنْ الْقَدْرِ كَانَ هَذَا أَمْثَلَ مِنْ أَنْ نَأْتِيَ بِجِنْسِ مِنْ الْعُقُوبَةِ تُخَالِفُ عُقُوبَتُهُ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً. وَهَذَا النَّظَرُ أَيْضًا فِي ضَمَانِ الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بِمِثْلِهِ تَقْرِيبًا أَوْ بِالْقِيمَةِ كَمَا نَصَّ أَحْمَد عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِ ضَمَانِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِيمَنْ خَرَّبَ حَائِطَ غَيْرِهِ: أَنَّهُ يَبْنِيهِ كَمَا كَانَ. وَبِهَذَا قَضَى سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي حُكُومَةِ الْحَرْثِ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا هُوَ وَأَبُوهُ؛ كَمَا قَدْ بُيِّنَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ. فَجَمِيعُ هَذِهِ الْأَبْوَابِ الْمَقْصُودُ لِلشَّرِيعَةِ فِيهَا تَحَرِّي الْعَدْلِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَهُوَ مَقْصُودُ الْعُلَمَاءِ لَكِنْ أَفْهَمُهُمْ مَنْ قَالَ بِمَا هُوَ أَشْبَهُ بِالْعَدْلِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ قَدْ أُوتِيَ عِلْمًا وَحُكْمًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ بِهِ الْكُتُبَ وَأَرْسَلَ بِهِ الرُّسُلَ وَضِدُّهُ الظُّلْمُ كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: " {يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تظالموا} ". وَلَمَّا كَانَ الْعَدْلُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ عِلْمٌ - إذْ مَنْ لَا يَعْلَمُ لَا يَدْرِي مَا الْعَدْلُ؟ وَالْإِنْسَانُ ظَالِمٌ جَاهِلٌ إلَّا مَنْ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَصَارَ عَالِمًا عَادِلًا - صَارَ النَّاسُ مِنْ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ: الْعَالِمُ الْجَائِرُ وَالْجَاهِلُ الظَّالِمُ؛ فَهَذَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute