للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَهُ كَمَا أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ نَفْسُ عِلْمِ مُوسَى وَالْخَضِرِ.

وَالثَّانِي أَنْ يُقَالَ: بَلْ لَفْظُ الْمُلْكِ وَمَا عِنْدَهُ يَتَنَاوَلُ كُلَّ شَيْءٍ وَمَا أَعْطَاهُمْ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ مُلْكِهِ وَمِمَّا عِنْدَهُ وَلَكِنَّ نِسْبَتَهُ إلَى الْجُمْلَةِ هَذِهِ النِّسْبَةُ الْحَقِيرَةُ. وَمِمَّا يُحَقِّقُ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ: أَنَّ التِّرْمِذِيَّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غُنْمٍ؛ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا فِيهِ: " {لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ؛ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ؛ وَرَطْبَكُمْ وَيَابِسَكُمْ؛ سَأَلُونِي حَتَّى تَنْتَهِيَ مَسْأَلَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَأَعْطَيْتهمْ مَا سَأَلُونِي؛ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي كَمَغْرَزِ إبْرَةٍ لَوْ غَمَسَهَا أَحَدُكُمْ فِي الْبَحْرِ وَذَلِكَ إنِّي جَوَادٌ مَاجِدٌ وَاجِدٌ عَطَائِي كَلَامٌ وَعَذَابِي كَلَامٌ إنَّمَا أَمْرِي لِشَيْءِ إذَا أَرَدْته أَنْ أَقُولَ لَهُ: كُنْ؛ فَيَكُونُ} " فَذِكْرُهُ سُبْحَانَهُ: أَنَّ عَطَاءَهُ كَلَامٌ وَعَذَابَهُ كَلَامٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: " مِنْ مُلْكِي " وَ " مِمَّا عِنْدِي " أَيْ: مِنْ مَقْدُورِي فَيَكُونُ هَذَا فِي الْقُدْرَةِ كَحَدِيثِ الْخَضِرِ فِي الْعِلْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ فِي اللَّفْظِ الْآخَرِ الَّذِي فِي نُسْخَةِ أَبِي مُسْهِرٍ: {لَمْ يَنْقُصْ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا إلَّا كَمَا يَنْقُصْ الْبَحْرُ} " وَهَذَا قَدْ يُقَالُ فِيهِ: إنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ: لَمْ يَنْقُصْ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا لَكِنْ يَكُونُ حَالُهُ حَالَ هَذِهِ النِّسْبَةِ وَقَدْ يُقَالُ: بَلْ هُوَ تَامٌّ وَالْمَعْنَى عَلَى مَا سَبَقَ.