قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} أَيْ: مِنْ نِعْمَةٍ {فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} أَيْ: فَبِذَنْبِك. كَمَا قَالَ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} وَقَالَ: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} . وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ فِي هَذَا الْبَابِ: فَهُمْ قَوْمٌ لَبَّسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَهُمْ بَيْنَ أَهْلِ الْإِيمَانِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَبَيْنَ شِرَارِ النَّاسِ وَهُمْ الْخَائِضُونَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَاطِلِ فَقَوْمٌ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يَهْدُونَ أَنْفُسَهُمْ وَيُضِلُّونَهَا وَيُوجِبُونَ لَهَا فِعْلَ الطَّاعَةِ وَفِعْلَ الْمَعْصِيَةِ بِغَيْرِ إعَانَةٍ مِنْهُ وَتَوْفِيقٍ لِلطَّاعَةِ وَلَا خِذْلَانٍ مِنْهُ فِي الْمَعْصِيَةِ. وَقَوْمٌ لَا يُثْبِتُونَ لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا وَلَا قُدْرَةً وَلَا أَمْرًا. ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَنْحَلُّ عَنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَيَكُونُ أَكْفَرَ الْخَلْقِ وَهُمْ فِي احْتِجَاجِهِمْ بِالْقَدَرِ مُتَنَاقِضُونَ؛ إذْ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلٍ يُحِبُّونَهُ وَفِعْلٍ يُبْغِضُونَهُ وَلَا بُدَّ لَهُمْ وَلِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِأَفْعَالِ الْمُعْتَدِينَ فَإِذَا جَعَلُوا الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ سَوَاسِيَةً لَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يَذُمُّوا أَحَدًا وَلَا يَدْفَعُوا ظَالِمًا وَلَا يُقَابِلُوا مُسِيئًا وَإِنْ يُبِيحُوا لِلنَّاسِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ كُلَّ مَا يَشْتَهِيهِ مُشْتَهٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يَعِيشُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute