للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللَّهُ تَعَالَى: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَحْكَمَ آيَاتِهِ كُلَّهَا، وَقَالَ تَعَالَى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كُلَّهُ مُتَشَابِهٌ وَالْحُكْمُ هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَالْحَاكِمُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ، وَالْحُكْمُ فَصْلٌ بَيْنَ الْمُتَشَابِهَاتِ عِلْمًا وَعَمَلًا إذَا مَيَّزَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَالنَّافِعِ وَالضَّارِّ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ فِعْلَ النَّافِعِ وَتَرْكَ الضَّارِّ فَيُقَالُ: حَكَمْت السَّفِيهَ وَأَحْكَمْته إذَا أَخَذْت عَلَى يَدَيْهِ وَحَكَمْت الدَّابَّةَ وَأَحْكَمْتهَا إذَا جَعَلْت لَهَا حَكَمَةً وَهُوَ مَا أَحَاطَ بِالْحَنَكِ مِنْ اللِّجَامِ وَإِحْكَامُ الشَّيْءِ إتْقَانُهُ فَإِحْكَامُ الْكَلَامِ إتْقَانُهُ بِتَمْيِيزِ الصِّدْقِ مِنْ الْكَذِبِ فِي أَخْبَارِهِ وَتَمْيِيزِ الرُّشْدِ مِنْ الْغَيِّ فِي أَوَامِرِهِ، وَالْقُرْآنُ كُلُّهُ مُحْكَمٌ بِمَعْنَى الْإِتْقَانِ فَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ حَكِيمًا بِقَوْلِهِ: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} فَالْحَكِيمُ بِمَعْنَى الْحَاكِمِ؛ كَمَا جَعَلَهُ يَقُصُّ بِقَوْلِهِ: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} وَجَعَلَهُ مُفْتِيًا فِي قَوْلِهِ: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} أَيْ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَجَعَلَهُ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا فِي قَوْلِهِ: {إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} وَأَمَّا التَّشَابُهُ الَّذِي يَعُمُّهُ فَهُوَ ضِدُّ الِاخْتِلَافِ الْمَنْفِيِّ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ: {وَلَوْ كَانَ