للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَدِيمَةُ الْأَزَلِيَّةُ وَزَمَانُهَا قَدِيمٌ فَضَلُّوا ضَلَالًا مُبِينًا مُخَالِفًا لِصَحِيحِ الْمَنْقُولِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِصَرِيحِ الْمَعْقُولِ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُقَلَاءِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين. وَطَائِفَةٌ ظَنُّوا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جِنْسَ الْحَرَكَةِ وَالْحَوَادِثِ وَالْفِعْلِ إلَّا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ الْجَمِيعِ لَمْ يَزَلْ مُعَطَّلًا ثُمَّ حَدَثَتْ الْحَوَادِثُ بِلَا سَبَبٍ أَصْلًا وَانْتَقَلَ الْفِعْلُ مِنْ الِامْتِنَاعِ إلَى الْإِمْكَانِ بِلَا سَبَبٍ وَصَارَ قَادِرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ بِلَا سَبَبٍ وَكَانَ الشَّيْءُ بَعْدَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي غَيْرِ زَمَانٍ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يُخَالِفُ صَرِيحَ الْعَقْلِ. وَهُمْ يَظُنُّونَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمِلَلِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ مَنْقُولًا عَنْ مُوسَى؛ وَلَا عِيسَى؛ وَلَا مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ؛ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِمْ إنَّمَا هُوَ مِمَّا أَحْدَثَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَانْتَشَرَ عِنْدَ الْجُهَّالِ بِحَقِيقَةِ أَقْوَالِ الرُّسُلِ وَأَصْحَابِهِمْ فَظَنُّوا أَنَّ هَذَا قَوْلُ الرُّسُلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَصَارَ نِسْبَةُ هَذَا الْقَوْلِ إلَى الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ يُوجِبُ الْقَدْحَ فِيهِمْ: إمَّا بِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَطَالِبِ الْعَالِيَةِ وَإِمَّا بِعَدَمِ بَيَانِ الْحَقِّ. وَكُلٌّ مِنْهُمَا يُوجِبُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَنْ يَعْزِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَآثَارَ السَّلَفِ عَنْ الِاهْتِدَاءِ.