وَإِحْيَاءُ سُنَّتِهِ يَشْمَلُ أَنْوَاعًا مِنْ الْبِرِّ لِسِعَةِ فَضْلِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ فَيَكُونُ بِالتَّبْلِيغِ لَهَا وَالْبَيَانِ لِأَجْلِ ظُهُورِ الْحَقِّ وَنُصْرَتِهِ وَيَكُونُ بِالْإِعَانَةِ عَلَيْهَا بِإِنْفَاقِ الْمَالِ وَالْجِهَادِ إعَانَةً عَلَى دِينِ اللَّهِ وَعُلُوِّ كَلِمَتِهِ فَالْجِهَادُ بِالْمَالِ مَقْرُونٌ بِالْجِهَادِ بِالنَّفْسِ قَدْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَبْلَهُ وَفِي غَيْرِ مَوْضِعٍ لِعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ وَثَمَرَتِهِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرِ فَقَدْ غَزَا} " وَقَالَ: " {مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ} " وَمَثُوبَتِهِ؛ لَا سِيَّمَا مَا يَبْقَى نَفْعُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْإِنْسَانِ وَمَصِيرِهِ إلَى تُرْبَتِهِ كَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ: " {إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ} " فَهَذِهِ الثَّلَاثُ هِيَ مِنْ أَعْمَالِهِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ مِيتَتِهِ بِخِلَافِ مَا يَنْفَعُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ أَعْمَالِ غَيْرِهِ مِنْ الدُّعَاءِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ سَعْيِهِ بَلْ مِنْ سَعْيِ غَيْرِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَكَمَا يَلْحَقُ بِالْمُؤْمِنِ مَنْ يُدْخِلُهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ. وَأَصْلُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ هُوَ إخْلَاصُ الْعَبْدِ لِلَّهِ فِي نِيَّتِهِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ إنَّمَا أَنْزَلَ الْكُتُبَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ وَخَلَقَ الْخَلْقَ لِعِبَادَتِهِ وَهِيَ دَعْوَةُ الرُّسُلِ لِكَافَّةِ بَرِيَّتِهِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ عَلَى أَلْسِنَةِ رُسُلِهِ بِأَوْضَحِ دَلَالَتِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَفْتَتِحُوا مَجَالِسَهُمْ وَكُتُبَهُمْ وَغَيْرَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ: " {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} " فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ وَبِدَايَتِهِ. فَنَجْرِي فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْهَاجِهِمْ إذْ كَانُوا أَفْضَلَ جَيْشِ الْإِسْلَامِ وَمُقَدِّمَتَهُ فَنَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute