للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ إنَّمَا صِحَّتُهَا أَوْ إنَّمَا أَجْزَاؤُهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ: بَلْ الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِالنِّيَّاتِ فِيهِ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ وَحْدَهَا بَلْ أَرَادَ النِّيَّةَ الْمَحْمُودَةَ وَالْمَذْمُومَةَ وَالْعَمَلَ الْمَحْمُودَ وَالْمَذْمُومَ وَلِهَذَا قَالَ فِي تَمَامِهِ: " {فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ} " إلَخْ فَذَكَرَ النِّيَّةَ الْمَحْمُودَةَ بِالْهِجْرَةِ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَطْ وَالنِّيَّةَ الْمَذْمُومَةَ وَهِيَ الْهِجْرَةُ إلَى امْرَأَةٍ أَوْ مَالٍ وَهَذَا ذَكَرَهُ تَفْصِيلًا بَعْدَ إجْمَالٍ فَقَالَ: " {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى} " ثُمَّ فَصَلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " {فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ} " إلَخْ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ سَبَبَ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ قَدْ هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ لِأَجْلِ امْرَأَةٍ كَانَ يُحِبُّهَا تُدْعَى أُمَّ قَيْسٍ فَكَانَتْ هِجْرَتُهُ لِأَجْلِهَا فَكَانَ يُسَمَّى مُهَاجِرَ أُمِّ قَيْسٍ فَلِهَذَا ذَكَرَ فِيهِ " {أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا - وَفِي رِوَايَةٍ - يَنْكِحُهَا} " فَخَصَّ الْمَرْأَةَ بِالذِّكْرِ لِاقْتِضَاءِ سَبَبِ الْحَدِيثِ لِذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَالسَّبَبُ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ اللَّفْظُ الْعَامُّ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ وَالْهِجْرَةُ فِي الظَّاهِرِ هِيَ: سَفَرٌ مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ وَالسَّفَرُ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ نِيَّةِ صَاحِبِهِ فَقَدْ يَكُونُ سَفَرًا وَاجِبًا كَحَجِّ أَوْ جِهَادٍ مُتَعَيَّنٍ وَقَدْ يَكُونُ مُحَرَّمًا كَسَفَرِ الْعَادِي لِقَطْعِ