وَأَمَّا الْمُسْلِمُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ صَوْمَ رَمَضَانَ فَهَذَا لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَهُ ضَرُورَةً وَلَا يَحْتَاجَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ عَدَمُ التَّبْيِيتِ وَالتَّعْيِينِ فِي رَمَضَانَ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ مِثْلَ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ أَمْ لَا فَيَنْوِي صَوْمًا رَمَضَانَ مُطْلَقًا أَوْ يَقْصِدُ تَطَوُّعًا ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ وَلَوْ تَكَلَّمَ بِلِسَانِهِ بِشَيْءِ وَفِي قَلْبِهِ خِلَافُهُ كَانَتْ الْعِبْرَةُ بِمَا فِي قَلْبِهِ لَا بِمَا لَفَظَ بِهِ وَلَوْ اعْتَقَدَ بَقَاءَ الْوَقْتِ فَنَوَى الصَّلَاةَ أَدَاءً ثُمَّ تَبَيَّنَ خُرُوجُ الْوَقْتِ أَوْ اعْتَقَدَ خُرُوجَهُ فَنَوَاهَا قَضَاءً ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ بَقَاؤُهُ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ بِالِاتِّفَاقِ. وَمَنْ عَرَفَ هَذَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ النِّيَّةَ مَعَ الْعِلْمِ فِي غَايَةِ الْيُسْرِ لَا تَحْتَاجُ إلَى وَسْوَسَةٍ وَآصَارٍ وَأَغْلَالٍ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْوَسْوَسَةُ إنَّمَا تَحْصُلُ لِعَبْدِ مِنْ جَهْلٍ بِالشَّرْعِ أَوْ خَبَلٍ فِي الْعَقْلِ. وَقَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ: هَلْ يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: يُسْتَحَبُّ لِيَكُونَ أَبْلَغَ؛ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَد: لَا يُسْتَحَبُّ لِيَكُونَ بَلْ التَّلَفُّظُ بِهَا بِدْعَةٌ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ وَالتَّابِعِينَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِلَفْظِ النِّيَّةِ لَا فِي صَلَاةٍ وَلَا طَهَارَةٍ وَلَا صِيَامٍ قَالُوا: لِأَنَّهَا تَحْصُلُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْفِعْلِ ضَرُورَةً فَالتَّكَلُّمُ بِهَا نَوْعُ هَوَسٍ وَعَبَثٍ وَهَذَيَانٍ وَالنِّيَّةُ تَكُونُ فِي قَلْبِ الْإِنْسَانِ وَيَعْتَقِدُ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي قَلْبِهِ فَيُرِيدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute