للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا خَطَأٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ بِالْعَرَبِيَّةِ؛ فَإِنَّ " مَا " هُنَا هِيَ مَا الْكَافَّةُ لَيْسَتْ مَا النَّافِيَةُ وَهَذِهِ الْكَافَّةُ تَدْخُلُ عَلَى أَنَّ وَأَخَوَاتِهَا فَتَكُفُّهَا عَنْ الْعَمَلِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُرُوفَ الْعَامِلَةَ أَصْلُهَا أَنْ تَكُونَ لِلِاخْتِصَاصِ؛ فَإِذَا اخْتَصَّتْ بِالِاسْمِ أَوْ بِالْفِعْلِ وَلَمْ تَكُنْ كَالْجُزْءِ مِنْهُ عَمِلَتْ فِيهِ فَأَنَّ وَأَخَوَاتِهَا اخْتَصَّتْ بِالِاسْمِ فَعَمِلَتْ فِيهِ وَتُسَمَّى الْحُرُوفُ الْمُشْبِهَةُ لِلْأَفْعَالِ؛ لِأَنَّهَا عَمِلَتْ نَصْبًا وَرَفْعًا وَكَثُرَتْ حُرُوفُهَا وَحُرُوفُ الْجَرِّ اخْتَصَّتْ بِالِاسْمِ فَعَمِلَتْ فِيهِ وَحُرُوفُ الشَّرْطِ اخْتَصَّتْ بِالْفِعْلِ فَعَمِلَتْ فِيهِ بِخِلَافِ أَدَوَاتِ الِاسْتِفْهَامِ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَتَيْنِ وَلَمْ تَعْمَلْ وَكَذَلِكَ مَا الْمَصْدَرِيَّةُ. وَلِهَذَا الْقِيَاسِ فِي مَا النَّافِيَةُ أَنْ لَا تَعْمَلَ أَيْضًا عَلَى لُغَةِ تَمِيمٍ وَلَكِنْ تَعْمَلُ عَلَى اللُّغَةِ الْحِجَازِيَّةِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا الْقُرْآنُ. فِي مِثْلِ قَوْله تَعَالَى {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} و {مَا هَذَا بَشَرًا} اسْتِحْسَانًا لِمُشَابَهَتِهَا " لَيْسَ " هُنَا لَمَّا دَخَلَتْ مَا الْكَافَّةُ عَلَى إنْ أَزَالَتْ اخْتِصَاصَهَا فَصَارَتْ تَدْخُلُ عَلَى الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ فَبَطَلَ عَمَلُهَا كَقَوْلِهِ: {إنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} وَقَوْلِهِ: {إنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} . وَقَدْ تَكُونُ مَا الَّتِي بَعْدَ أَنَّ اسْمًا لَا حَرْفًا كَقَوْلِهِ: {إنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ} بِالرَّفْعِ أَيْ: أَنَّ الَّذِي صَنَعُوهُ كَيْدُ سَاحِرٍ خِلَافَ قَوْلِهِ: {إنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ بِالنَّصْبِ لَا تَسْتَقِيمُ إذَا كَانَتْ مَا بِمَعْنَى الَّذِي وَفِي كُلِّ الْمَعْنَيَيْنِ الْحَصْرُ مَوْجُودٌ لَكِنْ إذَا