للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْبَابِ قَوْله تَعَالَى {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} الْآيَةَ. وَقَوْلُهُ: {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ} الْآيَةَ. وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ قَدْ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي نَفْيِهَا وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ السَّلَفِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ: أَنَّ نَفْيَ الْإِيمَانِ لِانْتِفَاءِ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ فِيهِ وَالشَّارِعُ دَائِمًا لَا يَنْفِي الْمُسَمَّى الشَّرْعِيَّ إلَّا لِانْتِفَاءِ وَاجِبٍ فِيهِ وَإِذَا قِيلَ: الْمُرَادُ بِذَلِكَ نَفْيُ الْكَمَالِ فَالْكَمَالُ نَوْعَانِ وَاجِبٌ وَمُسْتَحَبٌّ فَالْمُسْتَحَبُّ كَقَوْلِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: الْغُسْلُ يَنْقَسِمُ إلَى كَامِلٍ وَمُجْزِئٍ أَيْ: كَامِلُ الْمُسْتَحَبَّاتِ وَلَيْسَ هَذَا الْكَمَالُ هُوَ الْمَنْفِيَّ فِي لَفْظِ الشَّارِعِ بَلْ الْمَنْفِيُّ هُوَ الْكَمَالُ الْوَاجِبُ وَإِلَّا فَالشَّارِعُ لَمْ يَنْفِ الْإِيمَانَ وَلَا الصَّلَاةَ وَلَا الصِّيَامَ وَلَا الطَّهَارَةَ وَلَا نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمُسَمَّيَاتِ الشَّرْعِيَّةِ لِانْتِفَاءِ بَعْضِ مُسْتَحَبَّاتِهَا؛ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَانْتَفَى الْإِيمَانُ عَنْ جَمَاهِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ إنَّمَا نَفَاهُ لِانْتِفَاءِ الْوَاجِبَاتِ كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ} وَ {لَا صَلَاةَ إلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ} . وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ أَلْفَاظٌ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي ثُبُوتِهَا عَنْهُ مِثْلَ قَوْلِهِ: {لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ} {وَلَا صَلَاةَ إلَّا بِوُضُوءِ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} {لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ} مَنْ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بِمُوجِبِهَا