وَقَالَ عُمَرُ لِمَنْ رَآهُ يَعْبَثُ فِي صَلَاتِهِ: لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ وَفِي الْحَدِيثِ: {لَا يَسْتَقِيمُ إيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ وَلَا يَسْتَقِيمُ لِسَانُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ} . وَلِهَذَا كَانَ الظَّاهِرُ لَازِمًا لِلْبَاطِنِ مِنْ وَجْهٍ وَمَلْزُومًا لَهُ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مَلْزُومًا لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ لَازِمًا؛ فَإِنَّ الدَّلِيلَ مَلْزُومُ الْمَدْلُولِ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الدَّلِيلِ وُجُودُ الْمَدْلُولِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الشَّيْءِ وُجُودُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَالدَّلِيلُ يَطَّرِدُ وَلَا يَنْعَكِسُ بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ يَطَّرِدُ وَيَنْعَكِسُ. وَتَنَازَعُوا فِي الْعِلَّةِ هَلْ يَجِبُ طَرْدُهَا بِحَيْثُ تَبْطُلُ بِالتَّخْصِيصِ وَالِانْتِقَاضِ؟ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَفْظَ الْعِلَّةِ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ وَهُوَ مَجْمُوعُ مَا يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ فَهَذِهِ يَجِبُ طَرْدُهَا وَيُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمُقْتَضِي لِلْحُكْمِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ اقْتِضَاؤُهُ عَلَى ثُبُوتِ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ فَهَذِهِ إذَا تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ بَطَلَتْ. وَكَذَلِكَ تَنَازَعُوا فِي انْعِكَاسِهَا وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْحُكْمِ عَدَمُهَا؟ فَقِيلَ: لَا يَجِبُ انْعِكَاسُهَا؛ لِجَوَازِ تَعْلِيلِ الْحُكْمِ بِعِلَّتَيْنِ. وَقِيلَ: يَجِبُ الِانْعِكَاسُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَتَى ثَبَتَ مَعَ عَدَمِهَا لَمْ تَكُنْ مُؤَثِّرَةً فِيهِ بَلْ كَانَ غَنِيًّا عَنْهَا وَعَدَمُ التَّأْثِيرِ مُبْطِلٌ لِلْعِلَّةِ. وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute