للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. وَبَيَّنَّا أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ كُلَّهُمْ كَانَ دِينُهُمْ الْإِسْلَامَ مِنْ نُوحٍ إلَى الْمَسِيحِ. وَلِهَذَا لَمَّا بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ مِنْ الدِّينِ مَقْبُولًا بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ - حَدِيثِ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ - عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {إنَّ اللَّهَ نَظَرَ إلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ - عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ - إلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} الْحَدِيثَ. وَلَا يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ إذَا صَارَ غَرِيبًا أَنَّ الْمُتَمَسِّكَ بِهِ يَكُونُ فِي شَرٍّ بَلْ هُوَ أَسْعَدُ النَّاسِ كَمَا قَالَ فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ {فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ} . و " طُوبَى " مِنْ الطِّيبِ قَالَ تَعَالَى {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ جِنْسِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ لِمَا كَانَ غَرِيبًا. وَهُمْ أَسْعَدُ النَّاسِ. أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَهُمْ أَعْلَى النَّاسِ دَرَجَةً بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ. وَأَمَّا فِي الدُّنْيَا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أَيْ أَنَّ اللَّهَ حَسْبُك وَحَسْبُ مُتَّبِعِك. وَقَالَ تَعَالَى {إنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ} وَقَالَ تَعَالَى {أَلَيْسَ