للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُحَّ نَفْسِي. فَقِيلَ لَهُ: مَا أَكْثَرُ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إذَا وُقِيت شُحَّ نَفْسِي وُقِيت الظُّلْمَ وَالْبُخْلَ وَالْقَطِيعَةَ أَوْ كَمَا قَالَ؛ وَلِهَذَا بَيَّنَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ أَنَّ الشُّحَّ وَالْحَسَدَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فَأَخْبَرَ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَبْذُلُونَ مَا عِنْدَهُمْ مِنْ الْخَيْرِ مَعَ الْحَاجَةِ وَأَنَّهُمْ لَا يَكْرَهُونَ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى إخْوَانِهِمْ وَضِدُّ الْأَوَّلِ الْبُخْلُ وَضِدُّ الثَّانِي الْحَسَدُ. وَلِهَذَا كَانَ الْبُخْلُ وَالْحَسَدُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ الْحَاسِدَ يَكْرَهُ عَطَاءَ غَيْرِهِ وَالْبَاخِلُ لَا يُحِبُّ عَطَاءَ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} فَإِنَّ الشُّحَّ أَصْلٌ لِلْبُخْلِ وَأَصْلٌ لِلْحَسَدِ وَهُوَ ضِيقُ النَّفْسِ وَعَدَمُ إرَادَتِهَا وَكَرَاهَتِهَا لِلْخَيْرِ عَلَى الْغَيْرِ فَيَتَوَلَّدُ عَنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُهُ مِنْ النَّفْعِ وَهُوَ الْبُخْلُ وَإِضْرَارُ الْمُنْعِمِ عَلَيْهِ وَهُوَ الظُّلْمُ وَإِذَا كَانَ فِي الْأَقَارِبِ كَانَ قَطِيعَةً. وَلِهَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَاهُ. . . (١) النَّسَائِي مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {لَا يَجْتَمِعُ فِي النَّارِ


(١) خرم بالأصل
وقع في هاتين الصفحتين سقط - أشار إليه الجامع رحمه الله - وتصحيف أيضاً، في ثلاثة مواضع، ولعل صواب ما ورد هو:
(ولهذا في حديث أبي هريرة الذي رواه [أحمد و] النسائي من حديث محمد بن عَجْلان، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يجتمع في النار مسلم قتل كافرًا ثم سدد وقارب، ولا يجتمعان في جوف مؤمن: غبار في سبيل الله وفَيْحُ جهنم، ولا يجتمعان في قلب عبد: الإيمان والحسد " ورواه النسائي أيضًا من حديث جرير، عن سهيل [عن صفوان] بن أبي يزيد، عن القعقاع بن [اللجلاج]، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في جوف عبد أبدًا، ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدًا ".)