للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُوَ مَا يَتَمَثَّلُ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ مِنْ الْأَشْكَالِ النُّورَانِيَّةِ فَيَقُولُونَ: إنَّ النَّبِيَّ يَأْخُذُ عَنْ تِلْكَ الصُّوَرِ الْخَيَالِيَّةِ وَهِيَ الْمُلْكُ عِنْدَهُمْ فَمَنْ أَخَذَ الْمَعَانِيَ الْعَقْلِيَّةَ عَنْ الْعَقْلِ الْمُجَرَّدِ كَانَ أَعْظَمَ وَأَكْمَلَ مِمَّنْ يَأْخُذُ عَنْ الْأَمْثِلَةِ الْخَيَالِيَّةِ فَهَؤُلَاءِ اعْتَقَدُوا أَقْوَالَ هَؤُلَاءِ الْفَلَاسِفَةِ الْمُلْحِدِينَ وَسَلَكُوا مَسْلَكَ الرِّيَاضَةِ فَأَخَذُوا يَتَكَلَّمُونَ بِتِلْكَ الْأُمُورِ الْإِلْحَادِيَّةِ الْفَلْسَفِيَّةِ وَيُخْرِجُونَهَا فِي قَالَبِ الْمُكَاشَفَاتِ وَالْمُخَاطَبَاتِ. وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَهُ الْحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ " خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ " فَقَدْ غَلِطَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ غَلَطًا مَعْرُوفًا عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ. وَهَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا مِمَّا هُوَ كَذِبٌ وَفِرْيَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْبُطْلَانِ بِالْعَقْلِ؛ بَلْ مُتَخَيَّلَةٌ فِي الْعَقْلِ لَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يَرْوِيَهَا وَيُحَدِّثَ بِهَا إلَّا عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ لِكَوْنِهَا كَذِبًا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ} . وَعَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يَمْنَعُوا مِنْ التَّحَدُّثِ بِهَا فِي كُلِّ مَكَانٍ وَمَنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ الْعُقُوبَةَ الْبَلِيغَةَ الَّتِي تَزْجُرُهُ وَأَمْثَالَهُ عَنْ الْكَذِبِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ؛ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.