وَذَلِكَ أَنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ هُوَ مُسَمَّى الْوُجُودِ أَوْ الْمَوْجُودُ أَوْ الْحَيَاةُ أَوْ الْحَيُّ أَوْ الْعِلْمُ أَوْ الْعَلِيمُ أَوْ السَّمْعُ أَوْ الْبَصَرُ أَوْ السَّمِيعُ أَوْ الْبَصِيرُ أَوْ الْقُدْرَةُ أَوْ الْقَدِيرُ وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ مُطْلَقٌ كُلِّيٌّ لَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ؛ فَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ لَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْمُمْكِنِ الْمُحْدَثِ وَلَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْوَاجِبِ الْقَدِيمِ فَإِنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا يَمْتَنِعُ اشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ فَإِذَا كَانَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ الَّذِي اشْتَرَكَا فِيهِ صِفَةَ كَمَالٍ كَالْوُجُودِ وَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى خَصَائِصِ الْمَخْلُوقِينَ كَمَا لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِ الْخَالِقِ لَمْ يَكُنْ فِي إثْبَاتِ هَذَا مَحْذُورٌ أَصْلًا؛ بَلْ إثْبَاتُ هَذَا مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ، فَكُلُّ مَوْجُودَيْنِ لَا بُدَّ بَيْنَهُمَا مَنْ مِثْلِ هَذَا وَمَنْ نَفْيِ هَذَا لَزِمَهُ تَعْطِيلُ وُجُودِ كُلِّ مَوْجُودٍ وَلِهَذَا لَمَّا اطَّلَعَ الْأَئِمَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا حَقِيقَةُ قَوْلِ الْجَهْمِيَّة سَمُّوهُمْ مُعَطِّلَةً وَكَانَ جَهْمٌ يُنْكِرُ أَنْ يُسَمَّى اللَّهُ شَيْئًا وَرُبَّمَا قَالَتْ الْجَهْمِيَّة هُوَ شَيْءٌ لَا كَالْأَشْيَاءِ فَإِذَا نَفَى الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ مُطْلَقًا لَزِمَ التَّعْطِيلُ الْعَامُّ.
وَالْمَعَانِي الَّتِي يُوصَفُ بِهَا الرَّبُّ تَعَالَى كَالْحَيَاةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ بَلْ الْوُجُودُ وَالثُّبُوتُ وَالْحَقِيقَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ: تَجِبُ لَوَازِمُهَا فَإِنَّ ثُبُوتَ الْمَلْزُومِ يَقْتَضِي ثُبُوتَ اللَّازِمِ، وَخَصَائِصُ الْمَخْلُوقِ الَّتِي يَجِبُ تَنْزِيهُ الرَّبِّ عَنْهَا لَيْسَتْ مِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ أَصْلًا بَلْ تِلْكَ مِنْ لَوَازِمِ مَا يَخْتَصُّ بِالْمَخْلُوقِ مِنْ وُجُودٍ وَحَيَاةٍ وَعِلْمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute