للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ حَقٌّ وَأَمَّا إثْبَاتُ حُكْمٍ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا إنَّمَا هُوَ شَرْعٌ لَنَا فِيمَا ثَبَتَ أَنَّهُ شَرْعٌ لَهُمْ؛ دُونَ مَا رَوَوْهُ لَنَا وَهَذَا يَغْلَطُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُتَعَبِّدَةِ وَالْقُصَّاصِ وَبَعْضُ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْكَلَامِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَمَا يُرْوَى عَنْ الْأَوَائِلِ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَنَحْوِهِمْ وَمَا يُلْقَى فِي قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ يَقَظَةً وَمَنَامًا وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَقْيِسَةُ الْأَصْلِيَّةُ أَوْ الْفَرْعِيَّةُ وَمَا قَالَهُ الْأَكَابِرُ مِنْ هَذِهِ الْمِلَّةِ عُلَمَائِهَا وَأُمَرَائِهَا فَهَذَا التَّقْلِيدُ وَالْقِيَاسُ وَالْإِلْهَامُ فِيهِ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ لَا يُرَدُّ كُلُّهُ وَلَا يُقْبَلُ كُلُّهُ وَأَضْعَفُهُ مَا كَانَ مَنْقُولًا عَمَّنْ لَيْسَ قَوْلُهُ حُجَّةً بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ مِثْلَ الْمَأْثُورِ عَنْ الْأَوَائِلِ بِخِلَافِ الْمَأْثُورِ عَنْ بَعْضِ أُمَّتِنَا مِمَّا صَحَّ نَقْلُهُ فَإِنَّ هَذَا نَقْلُهُ صَحِيحٌ؛ وَلَكِنَّ الْقَائِلَ قَدْ يُخْطِئُ وَقَدْ يُصِيبُ وَمِنْ التَّقْلِيدِ تَقْلِيدُ أَفْعَالِ بَعْضِ النَّاسِ وَهُوَ الْحِكَايَاتُ. ثُمَّ هَذِهِ الْأُمُورُ لَا تُرَدُّ رَدًّا مُطْلَقًا لِمَا فِيهَا مِنْ حَقٍّ مُوَافِقٍ وَلَا تُقْبَلُ قَبُولًا مُطْلَقًا لِمَا فِيهَا مِنْ الْبَاطِلِ بَلْ يُقْبَلُ مِنْهَا مَا وَافَقَ الْحَقَّ وَيُرَدُّ مِنْهَا مَا كَانَ بَاطِلًا. وَالْأَقْيِسَةُ الْعَقْلِيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ وَالْفَرْعِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ هِيَ مِنْ هَذَا الْبَابِ فَلَيْسَتْ الْعَقْلِيَّاتُ كُلُّهَا صَحِيحَةً وَلَا كُلُّهَا فَاسِدَةً بَلْ فِيهَا حَقٌّ وَبَاطِلٌ