فِيهِمْ مُشْرِكُونَ وَأَهْلُ كِتَابٍ وَأَمَرَ مُعَاذًا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدَّ لَهُ معافريا وَلَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ مِنْ الْعَرَبِ آمَنُوا كَمَا آمَنَ مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَدَّى الْجِزْيَةَ. وَقَدْ أَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ وَكَانُوا مَجُوسًا وَأَسْلَمَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ طَوْعًا وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْيَهُودِ بِالْمَدِينَةِ وَلَا بِخَيْبَرِ؛ بَلْ حَارَبَهُمْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْجِزْيَةِ وَأَقَرَّ الْيَهُودُ بِخَيْبَرِ فَلَّاحِينَ بِلَا جِزْيَةٍ إلَى أَنْ أَجْلَاهُمْ عُمَرُ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُهَادِنِينَ لَهُ وَكَانُوا فَلَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ فَأَقَرَّهُمْ لِحَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِمْ ثُمَّ أَمَرَ بِإِجْلَائِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَقِيلَ: هَذَا الْحُكْمُ مَخْصُوصٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَقِيلَ: بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا اسْتَغْنَى الْمُسْلِمُونَ عَنْهُمْ أَجْلَوْهُمْ مِنْ دِيَارِ الْإِسْلَامِ؛ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ جَرِيرٍ وَغَيْرِهِ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُؤْخَذُ مِنْ مُشْرِكٍ قَالَ: إنَّ آيَةَ الْجِزْيَةِ نَزَلَتْ وَالْمُشْرِكُونَ مَوْجُودُونَ فَلَمْ يَأْخُذْهَا مِنْهُمْ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ الْعَرَبَ بِحُكْمِ وَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ خَصَّ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ الَّتِي هِيَ حَوْلَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا خَصَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بِقَوْلِهِ: {إنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute