للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا يَكُونُ مَلَكًا فَقُلْت: الْمَلَكُ لَا يُغِيثُ الْمُشْرِكَ إنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ أَرَادَ أَنْ يُضِلَّهُ. وَكَذَلِكَ يَتَصَوَّرُ بِصُورَتِهِ وَيَقِفُ بِعَرَفَاتِ فَيَظُنُّ مَنْ يُحْسِنُ بِهِ الظَّنَّ أَنَّهُ وَقَفَ بِعَرَفَاتِ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ حَمَلَهُ الشَّيْطَانُ إلَى عَرَفَاتٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَرَمِ فَيَتَجَاوَزُ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ وَلَا تَلْبِيَةٍ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَلَا بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَفِيهِمْ مَنْ لَا يَعْبُرُ مَكَّةَ وَفِيهِمْ مَنْ يَقِفُ بِعَرَفَاتِ وَيَرْجِعُ وَلَا يَرْمِي الْجِمَارَ إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي يُضِلُّهُمْ بِهَا الشَّيْطَانُ حَيْثُ فَعَلُوا مَا هُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الشَّرْعِ إمَّا مُحَرَّمٌ وَإِمَّا مَكْرُوهٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مُسْتَحَبٍّ وَقَدْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَنَّ هَذَا مِنْ كَرَامَاتِ الصَّالِحِينَ وَهُوَ مِنْ تَلْبِيسِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعْبَدُ إلَّا بِمَا هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَكُلُّ مَنْ عَبَدَ عِبَادَةً لَيْسَتْ وَاجِبَةً وَلَا مُسْتَحَبَّةً وَظَنَّهَا وَاجِبَةً أَوْ مُسْتَحَبَّةً فَإِنَّمَا زَيَّنَ ذَلِكَ لَهُ الشَّيْطَانُ وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ لِحُسْنِ قَصْدِهِ وَاجْتِهَادِهِ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا مِمَّا يُكْرِمُ اللَّهُ بِهِ أَوْلِيَاءَهُ الْمُتَّقِينَ إذْ لَيْسَ فِي فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ إكْرَامٌ بَلْ الْإِكْرَامُ حِفْظُهُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْعُهُ مِنْهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُنْقِصُهُ لَا يُزِيدُهُ وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ عَلَيْهِ بِالْعَذَابِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُخْفِضَهُ عَمَّا كَانَ وَيُخْفِضَ أَتْبَاعَهُ الَّذِينَ يَمْدَحُونَ هَذِهِ الْحَالَ وَيُعَظِّمُونَ صَاحِبَهَا فَإِنَّ مَدْحَ الْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَكْرُوهَاتِ وَتَعْظِيمَ صَاحِبِهَا هُوَ مِنْ الضَّلَالِ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُلَّمَا ازْدَادَ الْعَبْدُ فِي