للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَعْنَتُهُ بِلَعْنَةِ اللَّهِ وَلَمْ يَسْتَأْخِرْ بِذَلِكَ فَمَدَّ يَدَهُ إلَيْهِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {إنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي فَشَدَّ عَلَيَّ لِيَقْطَعَ الصَّلَاةَ عَلَيَّ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فذعته وَلَقَدْ هَمَمْت أَنْ أُوثِقَهُ إلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إلَيْهِ فَذَكَرْت قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا} فَهَذَا الْحَدِيثُ يُوَافِقُ الْأَوَّلَ وَيُفَسِّرُهُ وَقَوْلُهُ: " ذعته " أَيْ: خَنَقْته فَبَيَّنَ أَنَّ مَدَّ الْيَدِ كَانَ لِخَنْقِهِ وَهَذَا دَفْعٌ لِعُدْوَانِهِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الْخَنْقُ وَبِهِ انْدَفَعَ عُدْوَانُهُ فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا. وَأَمَّا الزِّيَادَةُ وَهُوَ رَبْطُهُ إلَى السَّارِيَةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ التَّصَرُّفِ الْمَلَكِيِّ الَّذِي تَرَكَهُ لِسُلَيْمَانَ فَإِنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْجِنِّ كَتَصَرُّفِهِ فِي الْإِنْسِ تَصَرُّفَ عَبْدٍ رَسُولٍ يَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَتِهِ لَا يَتَصَرَّفُ لِأَمْرٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَهُوَ التَّصَرُّفُ الْمَلَكِيُّ؛ فَإِنَّهُ كَانَ عَبْدًا رَسُولًا وَسُلَيْمَانُ نَبِيٌّ مَلِكٌ وَالْعَبْدُ الرَّسُولُ أَفْضَلُ مِنْ النَّبِيِّ الْمَلِكِ كَمَا أَنَّ السَّابِقِينَ الْمُقَرَّبِينَ أَفْضَلُ مِنْ عُمُومِ الْأَبْرَارِ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَقَدْ رَوَى النَّسَائِي عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ {عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ فَخَنَقَهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَجَدْت بَرْدَ لِسَانِهِ عَلَى يَدِي وَلَوْلَا