للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنْ قَالَ: الْعُمْدَةُ فِي الْفَرْقِ هُوَ السَّمْعُ فَمَا جَاءَ بِهِ السَّمْعُ أَثْبَتَهُ دُونَ مَا لَمْ يَجِئْ بِهِ السَّمْعُ قِيلَ لَهُ أَوَّلًا: السَّمْعُ هُوَ خَبَرُ الصَّادِقِ عَمَّا هُوَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ فَمَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ فَهُوَ حَقٌّ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ؛ وَالْخَبَرُ دَلِيلٌ عَلَى الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَالدَّلِيلُ لَا يَنْعَكِسُ؛ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ فَمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ السَّمْعُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِهِ السَّمْعُ؛ إذَا لَمْ يَكُنْ نَفَاهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّمْعَ لَمْ يَنْفِ هَذِهِ الْأُمُورَ بِأَسْمَائِهَا الْخَاصَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا يَنْفِيهَا مِنْ السَّمْعِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ حِينَئِذٍ نَفْيُهَا كَمَا لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهَا وَأَيْضًا: فَلَا بُدَّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَ مَا يُثْبَتُ لَهُ وَيُنْفَى فَإِنَّ الْأُمُورَ الْمُتَمَاثِلَةَ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ وَالِامْتِنَاعِ: يَمْتَنِعُ اخْتِصَاصُ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ وَالِامْتِنَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِصَاصِ الْمَنْفِيِّ عَنْ الْمُثْبِتِ بِمَا يَخُصُّهُ بِالنَّفْيِ وَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِصَاصِ الثَّابِتِ عَنْ الْمَنْفِيِّ بِمَا يَخُصُّهُ بِالثُّبُوتِ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يُوجِبُ نَفْيَ مَا يَجِبُ نَفْيُهُ عَنْ اللَّهِ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يُثْبِتُ لَهُ مَا هُوَ ثَابِتٌ وَإِنْ كَانَ السَّمْعُ كَافِيًا كَانَ مُخْبِرًا عَمَّا هُوَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ فَمَا الْفَرْقُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا؟ فَيُقَالُ: كُلَّمَا نُفِيَ صِفَاتُ الْكَمَالِ الثَّابِتَةِ لِلَّهِ فَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ فَإِنَّ ثُبُوتَ أَحَدِ