للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَرَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ هَذَا الْمَقْتَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَمَحَجَّةً لِلسَّالِكِينَ وَحُجَّةً عَلَى الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ وَافْتَرَضَ عَلَى الْعِبَادِ طَاعَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ وَتَعْزِيرَهُ وَتَوْقِيرَهُ وَالْقِيَامَ بِأَدَاءِ حُقُوقِهِ وَسَدَّ إلَيْهِ جَمِيعَ الطُّرُقِ فَلَمْ يَفْتَحْ لِأَحَدٍ إلَّا مِنْ طَرِيقِهِ وَأَخَذَ الْعُهُودَ وَالْمَوَاثِيقَ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَاتِّبَاعِهِ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوهَا عَلَى مَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ. أَرْسَلَهُ اللَّهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا فَخَتَمَ بِهِ الرِّسَالَةَ؛ وَهَدَى بِهِ مِنْ الضَّلَالَةِ؛ وَعَلَّمَ بِهِ مِنْ الْجَهَالَةِ وَفَتَحَ بِرِسَالَتِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا فَأَشْرَقَتْ بِرِسَالَتِهِ الْأَرْضُ بَعْدَ ظُلُمَاتِهَا؛ وَتَأَلَّفَتْ بِهَا الْقُلُوبُ بَعْدَ شَتَاتِهَا فَأَقَامَ بِهَا الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ وَأَوْضَحَ بِهَا الْمَحَجَّةَ الْبَيْضَاءَ وَشَرَحَ لَهُ صَدْرَهُ؛ وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرَهُ؛ وَرَفَعَ ذِكْرَهُ؛ وَجَعَلَ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ أَرْسَلَهُ عَلَى حِينِ فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ وَدُرُوسٍ مِنْ الْكُتُبِ حِينَ حُرِّفَ الْكَلِمُ وَبُدِّلَتْ الشَّرَائِعُ وَاسْتَنَدَ كُلُّ قَوْمٍ إلَى أَظْلَمِ آرَائِهِمْ وَحَكَمُوا عَلَى اللَّهِ وَبَيْنَ عِبَادِهِ بِمَقَالَاتِهِمْ الْفَاسِدَةِ وَأَهْوَائِهِمْ فَهَدَى اللَّهُ بِهِ الْخَلَائِقَ وَأَوْضَحَ بِهِ الطَّرِيقَ وَأَخْرَجَ بِهِ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ؛ وَأَبْصَرَ بِهِ مِنْ الْعَمَى؛ وَأَرْشَدَ بِهِ مِنْ الْغَيِّ وَجَعَلَهُ قَسِيمَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَفَرَّقَ مَا بَيْنَ الْأَبْرَارِ وَالْفُجَّارِ؛ وَجَعَلَ الْهُدَى وَالْفَلَاحَ فِي اتِّبَاعِهِ وَمُوَافَقَتِهِ