للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَالْقِرَاءَةُ تُشْتَرَطُ لَهَا الطِّهَارَةُ الْكُبْرَى كَمَا تُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ الطَّهَارَتَانِ وَالذِّكْرُ لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْكُبْرَى وَلَا الصُّغْرَى فَعُلِمَ أَنَّ أَعْلَى أَنْوَاعِ ذِكْرِ اللَّهِ هُوَ الصَّلَاةُ ثُمَّ الْقِرَاءَةُ ثُمَّ الذِّكْرُ الْمُطْلَقُ ثُمَّ الذِّكْرُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْضَلُ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْعِبَادِ قَدْ يَنْتَفِعُ بِالذِّكْرِ فِي الِابْتِدَاءِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِالْقِرَاءَةِ؛ إذْ الذِّكْرُ يُعْطِيه إيمَانًا وَالْقُرْآنُ يُعْطِيه الْعِلْمَ؛ وَقَدْ لَا يَفْهَمُهُ؛ وَيَكُونُ إلَى الْإِيمَانِ أَحْوَجَ مِنْهُ لِكَوْنِهِ قِي الِابْتِدَاءِ وَالْقُرْآنُ مَعَ الْفَهْمِ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَفْضَلُ بِالِاتِّفَاقِ. فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ يُشْبِهُ تَنَوُّعَ شَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ؛ فَإِنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ كُلًّا مِنْهُمْ بِالدِّينِ الْجَامِعِ وَأَنْ نَعْبُدَهُ بِتِلْكَ الشِّرْعَةِ وَالْمِنْهَاجِ كَمَا أَنَّ الْأُمَّةَ الْإِسْلَامِيَّةَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ كُلَّ مُسْلِمٍ مِنْ شَرِيعَةِ الْقُرْآنِ بِمَا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ إمَّا إيجَابًا وَإِمَّا اسْتِحْبَابًا وَإِنْ تَنَوَّعَتْ الْأَفْعَالُ فِي حَقِّ أَصْنَافِ الْأُمَّةِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ اعْتِقَادُهُمْ وَلَا مَعْبُودُهُمْ وَلَا أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ؛ بَلْ كُلُّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى ذَلِكَ يُصَدِّقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.