وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوجِبَ عَلَى الْآخَرِ طَاعَتَهُ كَمَا لَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدِ النَّبِيِّينَ مَعَ الْآخَرِ وَقَدْ يَظْهَرُ لَهُ مِنْ الدَّلِيلِ مَا كَانَ خَافِيًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ انْتِقَالُهُ بِالِاجْتِهَادِ عَنْ الِاجْتِهَادِ وَيُشْبِهُ النَّسْخَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ؛ لَكِنَّ هَذَا رَفْعٌ لِلِاعْتِقَادِ وَذَاكَ رَفْعٌ لِلْحُكْمِ حَقِيقَةً وَعَلَى الْأَتْبَاعِ اتِّبَاعُ مَنْ وَلِيَ أَمْرَهُمْ مِنْ الْأُمَرَاءِ وَالْعُلَمَاءِ فِيمَا سَاغَ لَهُ اتِّبَاعُهُ وَأَمَرَ فِيهِ بِاتِّبَاعِ اجْتِهَادِهِ كَمَا عَلَى الْأُمَّةِ اتِّبَاعُ أَيِّ نَبِيٍّ بُعِثَ إلَيْهِمْ وَإِنْ خَالَفَ شَرْعُهُ شَرْعَ الْأَوَّلِ لَكِنَّ تَنَوُّعَ الشَّرْعِ لِهَؤُلَاءِ وَانْتِقَالَهُ لَمْ يَكُنْ لِتَنَوُّعِ نَفْسِ الْأَمْرِ النَّازِلِ عَلَى الرَّسُولِ وَلَكِنَّ تَنَوُّعَ أَحْوَالِهِمْ وَهُوَ: إدْرَاكُ هَذَا لِمَا بَلَغَهُ مِنْ الْوَحْيِ سَمْعًا وَعَقْلًا وَعَجْزُ الْآخَرِ عَنْ إدْرَاكِ ذَلِكَ الْبَلَاغِ إمَّا سَمْعًا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ سَمَاعِ ذَلِكَ النَّصِّ وَإِمَّا عَقْلًا لِعَدَمِ فَهْمِهِ لِمَا فَهِمَهُ الْأَوَّلُ مِنْ النَّصِّ وَإِذَا كَانَ عَاجِزًا سَقَطَ عَنْهُ الْإِثْمُ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ وَقَدْ يَتَبَيَّنُ لِأَحَدِهِمَا عَجْزُ الْآخَرِ وَخَطَؤُهُ وَيَعْذُرُهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ عَجْزُهُ؛ وَقَدْ لَا يَتَبَيَّنُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَيُّهُمَا الَّذِي أَدْرَكَ الْحَقَّ وَأَصَابَهُ؟ وَلِهَذَا امْتَنَعَ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَسْمِيَةِ مِثْلِ هَذَا خَطَأً قَالَ: لِأَنَّ التَّكْلِيفَ مَشْرُوطٌ بِالْقُدْرَةِ فَمَا عَجَزَ عَنْهُ مِنْ الْعِلْمِ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ اللَّهِ فِي حَقِّهِ فَلَا يُقَالُ: أَخْطَأَهُ. وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: أَخْطَأَهُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ لَكِنْ خَطَؤُهُ مَعْذُورٌ فِيهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: عَجَزَ عَنْ إدْرَاكِهِ وَعِلْمِهِ لَكِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute