كُلُّ عِلْمٍ فَإِنَّهُ تَابِعٌ تَبَعَ الْمُطَابَقَةِ وَالْمُوَافَقَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُ تَابِعًا تَبَعَ التَّأَخُّرِ وَالتَّأَثُّرِ وَالِافْتِقَارِ وَالتَّعَلُّلِ. فَهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ جَامِعَةٌ نَافِعَةٌ جِدًّا فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ. إذَا تَبَيَّنَ هَذَا فِي جِنْسِ الْعِلْمِ ظَهَرَ ذَلِكَ فِي الِاعْتِقَادِ وَالرَّأْيِ وَالظَّنِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ الَّذِي قَدْ يَكُونُ عِلْمًا وَقَدْ لَا يَكُونُ عِلْمًا بَلْ يَكُونُ اعْتِقَادًا صَحِيحًا أَوْ غَيْرَ صَحِيحٍ أَوْ ظَنًّا صَحِيحًا أَوْ غَيْرَ صَحِيحٍ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الشُّعُورِ وَالْإِحْسَاسِ وَالْإِدْرَاكِ فَإِنَّ هَذَا الْجِنْسَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْحَرَكَاتِ وَالْأَفْعَالِ الرُّوحَانِيَّةِ والجسمانية مَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ تَابِعٌ لِلشُّعُورِ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ مَسْبُوقٌ بِهِ وَالْعِلْمُ أَصْلُ الْعَمَلِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ فَرْعًا لِعُلُومٍ غَيْرِ الْعَمَلِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَالِاعْتِقَادُ تَارَةً يَكُونُ فَرْعًا لَلْمُعْتَقِدِ تَابِعًا لَهُ كَاعْتِقَادِ الْأُمُورِ الْخَارِجَةِ عَنْ كَسْبِ الْعَبْدِ كَاعْتِقَادِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَفِي الْيَوْمِ الْآخِرِ. وَقَدْ يَكُونُ أَصْلًا لِلْمُعْتَقِدِ مَتْبُوعًا لَهُ؛ كَاعْتِقَادِ الْمُعْتَقِدِ وَظَنِّهِ أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ يَجْلِبُ لَهُ مَنْفَعَةً أَوْ يَدْفَعُ عَنْهُ مَضَرَّةً إمَّا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا فِي الْآخِرَةِ مِثْلَ اعْتِقَادِهِ أَنَّ أَكْلَ هَذَا الطَّعَامِ يُشْبِعُهُ وَأَنَّ تَنَاوُلَ هَذَا السُّمِّ يَقْتُلُهُ وَأَنَّ هَذِهِ الرَّمْيَةَ تُصِيبُ هَذَا الْغَرَضَ وَهَذِهِ الضَّرْبَةَ تَقْطَعُ هَذَا الْعُنُقَ وَهَذَا الْبَيْعَ وَالتِّجَارَةَ يُورِثُهُ رِبْحًا أَوْ خَسَارَةً وَأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute