نُفُوسِهِمْ خَوْفٌ وَتَأَلُّمٌ وَتَوَهُّمٌ لِلْعَذَابِ وَتَخَيُّلٌ لَهُ فَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَذَا الْأَلَمَ النَّاشِئَ عَنْ هَذَا الِاعْتِقَادِ وَالتَّخَيُّلِ هُوَ عِقَابُهُمْ وَعَذَابُهُمْ وَذَاكَ نَاشِئٌ عَمَّا اعْتَقَدُوهُ كَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ هُنَا أَسَدًا أَوْ لِصًّا أَوْ قَاطِعَ طَرِيقٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وُجُودٌ فَيَتَأَلَّمُ وَيَتَضَرَّرُ بِخَوْفِهِ مِنْ هَذَا الْمَحْذُورِ الَّذِي اعْتَقَدَهُ. فَاجْتَمَعَ اعْتِقَادٌ غَيْرُ مُطَابِقٍ وَمُعْتَقَدٌ يُؤْلِمُ وُجُودُهُ فَتَأَلَّمَتْ النَّفْسُ بِهَذَا الِاعْتِقَادِ وَالتَّخَيُّلِ. وَقَدْ يَقُولُ حُذَّاقُ هَؤُلَاءِ مِنْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة وَالْقَرَامِطَةِ وَقَوْمٍ يَتَصَوَّفُونَ أَوْ يَتَكَلَّمُونَ وَهُمْ غَالِيَةُ الْمُرْجِئَةِ: إنَّ الْوَعِيدَ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ إنَّمَا هُوَ تَخْوِيفٌ لِلنَّاسِ لِتَنْزَجِرَ عَمَّا نُهِيَتْ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقِيقَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَا يُخَوِّفُ الْعُقَلَاءُ الصِّبْيَانَ وَالْبُلْهَ بِمَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ لِتَأْدِيبِهِمْ وَبِمَنْزِلَةِ مُخَادَعَةِ الْمُحَارِبِ لِعَدُوِّهِ إذَا أَوْهَمَهُ أَمْرًا يَخَافُهُ لِيَنْزَجِرَ عَنْهُ أَوْ لِيَتَمَكَّنَ هُوَ مِنْ عَدُوِّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَهَؤُلَاءِ هُمْ الْكُفَّارُ بِرُسُلِ اللَّهِ وَكُتُبِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ الْمُنْكِرُونَ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ وَمَا ضَرَبَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْأَمْثَالِ وَقَصَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ لِلرُّسُلِ فَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِهَؤُلَاءِ وَيَكْفِي مَا عَاقَبَ اللَّهُ بِهِ أَهْلَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَنْوَاعِ الْمَثُلَاتِ؛ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَحْسُوسٌ مُشَاهَدٌ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ وَمَا مِنْ أَحَدٍ إلَّا قَدْ سَمِعَ مِنْ ذَلِكَ أَنْوَاعًا أَوْ رَأَى بَعْضَهُ. وَأَهْلُ الْأَرْضِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الصَّادِقَ الْبَارَّ الْعَادِلَ لَيْسَ حَالُهُ كَحَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute