اللَّهَ لَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ وَلَيْسَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ بِدَعِ الْجَهْمِيَّة فَصَنَّفُوا كُتُبًا قَدَّمُوا فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ وَكَلَامِ السَّلَفِ وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ صَحِيحَةً لَكِنَّهُمْ قَدْ يَخْلِطُونَ الْآثَارَ صَحِيحَهَا بِضَعِيفِهَا وَقَدْ يَسْتَدِلُّونَ بِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ. وَأَيْضًا فَهُمْ إنَّمَا يَسْتَدِلُّونَ بِالْقُرْآنِ مِنْ جِهَةِ إخْبَارِهِ لَا مِنْ جِهَةِ دَلَالَتِهِ فَلَا يَذْكُرُونَ مَا فِيهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى إثْبَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ والوحدانية وَالنُّبُوَّةِ وَالْمُعَادِ؛ وَأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ الْأَدِلَّةَ الْعَقْلِيَّةَ الدَّالَّةَ عَلَى ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا سَمَّوْا كُتُبَهُمْ أُصُولَ السُّنَّةِ وَالشَّرِيعَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَجَعَلُوا الْإِيمَانَ بِالرَّسُولِ قَدْ اسْتَقَرَّ فَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يُبَيِّنَ الْأَدِلَّةَ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ فَذَمَّهُمْ أُولَئِكَ وَنَسَبُوهُمْ إلَى الْجَهْلِ؛ إذْ لَمْ يَذْكُرُوا الْأُصُولَ الدَّالَّةَ عَلَى صِدْقِ الرَّسُولِ؛ وَهَؤُلَاءِ يَنْسُبُونَ أُولَئِكَ إلَى الْبِدْعَةِ بَلْ إلَى الْكُفْرِ لِكَوْنِهِمْ أَصَّلُوا أُصُولًا تُخَالِفُ مَا قَالَهُ الرَّسُولُ. وَالطَّائِفَتَانِ يَلْحَقُهُمَا الْمَلَامُ؛ لِكَوْنِهِمَا أَعْرَضَتَا عَنْ الْأُصُولِ الَّتِي بَيَّنَهَا اللَّهُ بِكِتَابِهِ فَإِنَّهَا أُصُولُ الدِّينِ وَأَدِلَّتُهُ وَآيَاتُهُ فَلَمَّا أَعْرَضَ عَنْهَا الطَّائِفَتَانِ وَقَعَ بَيْنَهُمَا الْعَدَاوَةُ؛ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute