للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَعَالَى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ} وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ لِبَسْطِهِ مَوَاضِعُ أُخَرُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَؤُلَاءِ الغالطين الَّذِينَ أَعْرَضُوا مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ الدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْبَرَاهِينِ الْيَقِينِيَّةِ لَا يَذْكُرُونَ النَّظَرَ وَالدَّلِيلَ وَالْعِلْمَ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ ذَلِكَ والمتكلمون يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ فِي الْقُرْآنِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أُصُولِ الدِّينِ مَا فِيهِ لَكِنَّهُمْ يَسْلُكُونَ طُرُقًا أُخَرَ كَطَرِيقِ الْأَعْرَاضِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ طَرِيقُ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَهُوَ غالط.

وَالْمُتَفَلْسِفَة يَقُولُونَ: الْقُرْآنُ جَاءَ بِالطَّرِيقِ الخطابية وَالْمُقَدِّمَاتِ الْإِقْنَاعِيَّةِ الَّتِي تُقْنِعُ الْجُمْهُورَ وَيَقُولُونَ: إنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ جَاءُوا بِالطُّرُقِ الْجَدَلِيَّةِ وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ هُمْ أَهْلُ الْبُرْهَانِ الْيَقِينِيِّ. وَهُمْ أَبْعَدُ عَنْ الْبُرْهَانِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ والمتكلمون أَعْلَمُ مِنْهُمْ بِالْعِلْمِيَّاتِ الْبُرْهَانِيَّةِ فِي الْإِلَهِيَّاتِ وَالْكُلِّيَّاتِ وَلَكِنْ لِلْمُتَفَلْسِفَةِ فِي الطَّبِيعِيَّاتِ خَوْضٌ وَتَفْصِيلٌ تَمَيَّزُوا بِهِ بِخِلَافِ الْإِلَهِيَّاتِ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِهَا وَأَبْعَدِهِمْ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ فِيهَا وَكَلَامُ أَرِسْطُو مُعَلِّمُهُمْ فِيهَا قَلِيلٌ كَثِيرُ الْخَطَأِ فَهُوَ لَحْمُ جَمَلٍ غَثٌّ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْرٍ لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى؛ وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَى. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.