جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ} فَإِنَّ الْخِطَابَ لَمَّا كَانَ مَعَ مَنْ يُقِرُّ بِنُبُوَّةِ مُوسَى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَعَ مَنْ يُنْكِرُهَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} وَقَدْ بَيَّنَ الْبَرَاهِينَ الدَّالَّةَ عَلَى صِدْقِ مُوسَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَعَلَى قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ يُبْدُونَهَا كَابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي عَمْرٍو جَعَلُوا الْخِطَابَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ وَجَعَلُوا قَوْلَهُ: {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا} احْتِجَاجًا عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ؛ فَالْحُجَّةُ عَلَى أُولَئِكَ نُبُوَّةُ مُوسَى وَعَلَى هَؤُلَاءِ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْبَرَاهِينِ مَا قَدْ بُيِّنَ بَعْضُهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. وَعَلَى قِرَاءَةِ الْأَكْثَرِينَ بِالتَّاءِ هُوَ خِطَابٌ لِأَهْلِ الْكِتَابِ وَقَوْلُهُ: {وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا} بَيَانٌ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِمَّا أَنْكَرُوهُ فَعَلَّمَهُمْ الْأَنْبِيَاءُ مَا لَمْ يَقْبَلُوهُ وَلَمْ يَعْلَمُوهُ فَاسْتَدَلَّ بِمَا عَرَفُوهُ مِنْ أَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَا لَمْ يَعْرِفُوهُ. وَقَدْ قَصَّ سُبْحَانَهُ قِصَّةَ مُوسَى وَأَظْهَرَ بَرَاهِينَ مُوسَى وَآيَاتِهِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَظْهَرِ الْبَرَاهِينِ وَالْأَدِلَّةِ حَتَّى اعْتَرَفَ بِهَا السَّحَرَةُ الَّذِينَ جَمَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَنَاهِيك بِذَلِكَ فَلَمَّا أَظْهَرَ اللَّهُ حَقَّ مُوسَى؛ وَأَتَى بِالْآيَاتِ الَّتِي عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهَا مِنْ اللَّهِ؛ وَابْتَلَعَتْ عَصَاهُ الْحِبَالَ وَالْعِصِيَّ الَّتِي أَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute