للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ يُقَرِّرُ مَا فِيهَا مِنْ الْحَقِّ وَيُبْطِلُ مَا حُرِّفَ مِنْهَا وَيَنْسَخُ مَا نَسَخَهُ اللَّهُ فَيُقَرِّرُ الدِّينَ الْحَقَّ وَهُوَ جُمْهُورُ مَا فِيهَا وَيُبْطِلُ الدِّينَ الْمُبَدَّلَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَالْقَلِيلَ الَّذِي نُسِخَ فِيهَا؛ فَإِنَّ الْمَنْسُوخَ قَلِيلٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحْكَمِ الْمُقَرَّرِ. وَالْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَتَصْدِيقُ بَعْضِهِمْ مُسْتَلْزِمٌ تَصْدِيقَ سَائِرِهِمْ وَطَاعَةُ بَعْضِهِمْ تَسْتَلْزِمُ طَاعَةَ سَائِرِهِمْ وَكَذَلِكَ التَّكْذِيبُ وَالْمَعْصِيَةُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَذِّبَ نَبِيٌّ نَبِيًّا بَلْ إنْ عَرَفَهُ صَدَّقَهُ وَإِلَّا فَهُوَ يَصْدُقُ بِكُلِّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مُطْلَقًا وَهُوَ يَأْمُرُ بِطَاعَةِ مَنْ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ. وَلِهَذَا كَانَ مَنْ صَدَّقَ مُحَمَّدًا فَقَدْ صَدَّقَ كُلَّ نَبِيٍّ؛ وَمَنْ أَطَاعَهُ فَقَدْ أَطَاعَ كُلَّ نَبِيٍّ وَمَنْ كَذَّبَهُ فَقَدْ كَذَّبَ كُلَّ نَبِيٍّ؛ وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى كُلَّ نَبِيٍّ قَالَ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} . وَمَنْ كَذَّبَ هَؤُلَاءِ تَكْذِيبًا بِجِنْسِ الرِّسَالَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يُكَذِّبُ الْجَمِيعَ؛ وَلِهَذَا يَقُولُ تَعَالَى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} وَلَمْ