للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهُمْ؛ أَوْ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَيِّنُوا الْحَقَّ أَوْ لَبَّسُوهُ؛ أَوْ إنَّ النُّبُوَّةَ هِيَ فَيْضٌ يَفِيضُ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ مِنْ جِنْسِ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ وَلَا يُقِرُّ بِمَلَائِكَةٍ مُفَضَّلِينَ وَلَا بِالْجِنِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهَؤُلَاءِ يُقِرُّونَ بِبَعْضِ صِفَاتِ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ بَعْضٍ؛ وَبِمَا أُوتُوهُ دُونَ بَعْضٍ وَلَا يُقِرُّونَ بِجَمِيعِ مَا أُوتِيَهُ الْأَنْبِيَاءُ وَهَؤُلَاءِ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمْ شَرًّا مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ أَقَرُّوا بِجَمِيعِ صِفَاتِ النُّبُوَّةِ لَكِنْ كَذَّبُوا بِبَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ؛ فَإِنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ هَؤُلَاءِ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ أَعْظَمُ وَأَكْثَرُ؛ إذْ كَانَ هَؤُلَاءِ يُقِرُّونَ بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَيُقِرُّونَ بِقِيَامِ الْقِيَامَةِ وَيُقِرُّونَ بِأَنَّهُ تَجِبُ عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَيُقِرُّونَ بِالشَّرَائِعِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا. وَأُولَئِكَ يُكَذِّبُونَ بِهَذَا وَإِنَّمَا يُقِرُّونَ بِبَعْضِ شَرْعِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلِهَذَا كَانَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَقَلَّ كُفْرًا مِنْ الْمَلَاحِدَةِ الْبَاطِنِيَّةِ والمتفلسفة وَنَحْوِهِمْ لَكِنْ مَنْ كَانَ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى قَدْ دَخَلَ مَعَ هَؤُلَاءِ فَقَدْ جَمَعَ نَوْعَيْ الْكُفْرِ؛ إذْ لَمْ يُؤْمِنْ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِمْ وَلَا بِجَمِيعِ أَعْيَانِهِمْ وَهَؤُلَاءِ مَوْجُودُونَ فِي دُوَلِ الْكُفَّارِ كَثِيرًا كَمَا يُوجَدُ أَيْضًا فِي الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ إذْ كَانُوا فِي دَوْلَةِ الْمُسْلِمِينَ. وَأَهْلُ الْكِتَابِ كَانُوا مُنَافِقِينَ فِيهِمْ مِنْ النِّفَاقِ بِحَسَبِ مَا فِيهِمْ