للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَعْلَمُوا بِوُجُوبِ الْحَجِّ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا تَحْرِيمَ الْخَمْرِ لَمْ يُحَدُّوا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ نَشَئُوا بِمَكَانٍ جُهِلَ. وَقَدْ زَنَتْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ امْرَأَةٌ فَلَمَّا أَقَرَّتْ بِهِ قَالَ عُثْمَانُ: إنَّهَا لَتَسْتَهِلُّ بِهِ اسْتِهْلَالَ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ حَرَامٌ. فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلصَّحَابَةِ أَنَّهَا تَعْرِفُ التَّحْرِيمَ لَمْ يَحُدُّوهَا وَاسْتِحْلَالُ الزِّنَا خَطَأٌ قَطْعًا. وَالرَّجُلُ إذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ مُخْطِئٌ قَطْعًا وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَمَنْ اعْتَقَدَ بَقَاءَ الْفَجْرِ فَأَكَلَ فَهُوَ مُخْطِئٌ قَطْعًا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْأَكْلُ بَعْدَ الْفَجْرِ؛ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَفِي الْقَضَاءِ نِزَاعٌ وَكَذَلِكَ مَنْ اعْتَقَدَ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ. وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ. وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " قَدْ فَعَلْت " وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْخَطَأِ الْقَطْعِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَوْ ظَنِّيَّةٍ. وَالظَّنِّيُّ مَا لَا يَجْزِمُ بِأَنَّهُ خَطَأٌ إلَّا إذَا كَانَ أَخْطَأَ قَطْعًا قَالُوا: فَمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُخْطِئَ فِي مَسْأَلَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَوْ ظَنِّيَّةٍ يَأْثَمُ فَقَدْ خَالَفَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَالْإِجْمَاعَ الْقَدِيمَ.