للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ هَذَا فِيمَنْ كَانَ مُشْرِكًا وَآمَنَ: فَمَا الظَّنُّ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَآمَنَ؟ وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ} قِيلَ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ لِبَاسُ أَهْلِ الْحَرْبِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ فِي صَفِّهِمْ فَيُعْذَرُ الْقَاتِلُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِقِتَالِهِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الدِّيَةُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ: بَلْ هُوَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ. كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ لَكِنَّ هَذَا قَدْ أَوْجَبَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ. وَقِيلَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَلَا يُعْطَى أَهْلُ الْحَرْبِ دِيَتُهُ بَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ. وَسَوَاءٌ عَرَفَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ وَقُتِلَ خَطَأً أَوْ ظُنَّ أَنَّهُ كَافِرٌ وَهَذَا ظَاهِرُ الْآيَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَصْحَابِهِ كَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ جريج وَمُقَاتِلٍ وَابْنِ زَيْدٍ يَعْنِي: قَوْلَهُ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} وَبَعْضُهُمْ قَالَ: إنَّهَا فِي مُؤْمِنِي أَهْلِ الْكِتَابِ. فَهُوَ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَإِنْ أَرَادَ الْعُمُومَ فَهُوَ كَالثَّانِي. وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَرَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَوْلُ مَنْ أَدْخَلَ فِيهَا ابْنَ سَلَامٍ وَأَمْثَالَهُ ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ فِيهِمْ: {وَإِنَّ