يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {يَغْزُو جَيْشٌ هَذَا الْبَيْتَ فَبَيْنَمَا هُمْ بِبَيْدَاءَ مِنْ الْأَرْضِ إذْ خُسِفَ بِهِمْ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَفِيهِمْ الْمُكْرَهُ قَالَ: يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ} وَهَذَا فِي ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَإِنْ قُتِلَ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِمَا يُحْكَمُ عَلَى الْكُفَّارِ فَاَللَّهُ يَبْعَثُهُ عَلَى نِيَّتِهِ كَمَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ مِنَّا يُحْكَمُ لَهُمْ فِي الظَّاهِرِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَيُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ. وَالْجَزَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا فِي الْقُلُوبِ لَا عَلَى مُجَرَّدِ الظَّوَاهِرِ؛ وَلِهَذَا رُوِيَ {أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْت مُكْرَهًا. قَالَ: أَمَّا ظَاهِرُك فَكَانَ عَلَيْنَا وَأَمَّا سَرِيرَتُك فَإِلَى اللَّهِ} . وَبِالْجُمْلَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْكُفْرِ وَقَدْ آمَنَ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْهِجْرَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرَائِعِ مَا يَعْجِزُ عَنْهَا بَلْ الْوُجُوبُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَهُ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَبَقِيَ مُدَّةً لَمْ يُصَلِّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْوَاجِبَاتِ مِنْ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ فَشَرِبَهَا لَمْ يُحَدَّ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute