للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طَرِيقِهِ وَدَلِيلِهِ فَقَوْلُنَا فِي الْأَوَّلِ: عِلْمٌ شَرْعِيٌّ كَمَا يُقَالُ: عَمَلٌ شَرْعِيٌّ وَالثَّانِي: كَمَا يُقَالُ: عِلْمٌ عَقْلِيٌّ وَسَمْعِيٌّ الْأَوَّلُ نُظِرَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَهُوَ خِطَابُ التَّكْلِيفِ. وَالثَّانِي نُظِرَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ طَرِيقِهِ وَدَلِيلِهِ وَصِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ وَمُطَابَقَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ وَهُوَ مِنْ جِهَةِ خِطَابِ الْإِخْبَارِ. ثُمَّ كُلٌّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَإِنَّهُ إذَا عَرَفَ أَنَّ الشَّرْعِيَّ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ؛ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَمَرَ بِهِ. فَمَا أَخْبَرَ بِهِ: إمَّا أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ دَلِيلًا عَقْلِيًّا أَوْ لَا يَذْكُرُ. وَمَا أَمَرَ بِهِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا لِلشَّارِعِ؛ أَوْ لَازِمًا لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ وَهُوَ مَا لَا يَتِمُّ مَقْصُودُهُ الْوَاجِبُ أَوْ الْمُسْتَحَبُّ إلَّا بِهِ. فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ. وَإِنْ شِئْت أَنْ تُقَسِّمَ الْمَأْمُورَ بِهِ إلَى مَا يُعْرَفُ بِالْعَقْلِ فَقَطْ وَإِلَى مَا يُعْرَفُ بِالشَّرْعِ أَيْضًا فَيَكُونُ شَرْعِيًّا خَبَرًا وَأَمْرًا؛ فَإِنَّ مَا عُلِمَ بِالشَّرْعِ لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ إخْبَارُ الشَّارِعِ أَوْ دَلَالَةُ الشَّارِعِ فَإِذَا عُنِيَ بِهِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الشَّارِعُ مِثْلَ دَلَالَتِهِ عَلَى آيَاتِ الرُّبُوبِيَّةِ وَدَلَالَةِ الرِّسَالَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي هَذَا أَنْ يَكُونَ شَرْعِيًّا عَقْلِيًّا. فَإِنَّ الشَّارِعَ لَمَّا نَبَّهَ الْعُقُولَ عَلَى الْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ وَالْعِبَرِ اهْتَدَتْ الْعُقُولُ فَعَلِمَتْ مَا هَدَاهَا إلَيْهِ الشَّارِعُ.