لَمْ يَهْتَدُوا لَهَا وَتَحْذِفُ مَا وَقَعَ مِنْهُمْ مِنْ الشُّبُهَاتِ وَالْأَبَاطِيلِ مَعَ كَثْرَتِهَا وَاضْطِرَابِهَا وَقَدْ بَيَّنْت تَفْصِيلَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي مَوَاضِعَ. وَأَمَّا إذَا أُرِيدَ بِالشَّرْعِيَّةِ مَا شُرِعَ عِلْمُهُ. فَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ عِلْمٍ مُسْتَحَبٍّ أَوْ وَاجِبٍ وَقَدْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمُبَاحُ وَأُصُولُ الدِّينِ عَلَى هَذَا مِنْ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ أَيْضًا وَمَا عُلِمَ بِالْعَقْلِ وَحْدَهُ فَهُوَ مِنْ الشَّرْعِيَّةِ أَيْضًا؛ إذَا كَانَ عِلْمُهُ مَأْمُورًا بِهِ فِي الشَّرْعِ. وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ الشَّرْعِيَّةُ قِسْمَيْنِ: عَقْلِيَّةٌ وَسَمْعِيَّةٌ. وَتُجْعَلُ السَّمْعِيَّةُ هُنَا بَدَلَ الشَّرْعِيَّةِ فِي الطَّرِيقَةِ الْأُولَى وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ كُلَّ عِلْمٍ عَقْلِيٍّ أَمَرَ الشَّرْعُ بِهِ أَوْ دَلَّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَهُوَ شَرْعِيٌّ أَيْضًا إمَّا بِاعْتِبَارِ الْأَمْرِ أَوْ الدَّلَالَةِ أَوْ بِاعْتِبَارِهِمَا جَمِيعًا. وَيَتَبَيَّنُ بِهَذَا التَّحْرِيرِ أَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ عَنْ مُسَمَّى الشَّرْعِيَّةِ وَهُوَ مَا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الشَّارِعُ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ فَهُوَ يَجْرِي مَجْرَى الصِّنَاعَاتِ كَالْفِلَاحَةِ وَالْبِنَايَةِ وَالنِّسَاجَةِ وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْعُلُومِ المفضولة الْمَرْجُوحَةِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ مُسَمَّى الشَّرْعِيَّةِ أَشْرَفُ وَأَوْسَعُ وَأَنَّ بَيْنَ الْعَقْلِيَّةِ وَالشَّرْعِيَّةِ عُمُومًا وَخُصُوصًا لَيْسَ أَحَدُهُمَا قَسِيمَ الْآخَرِ وَإِنَّمَا السَّمْعِيُّ قَسِيمُ الْعَقْلِيِّ وَأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي الْعِلْمِ أَنْ يَكُونَ عَقْلِيًّا وَهُوَ شَرْعِيٌّ بِالِاعْتِبَارَاتِ الثَّلَاثَةِ: إخْبَارِهِ بِهِ؛ أَمْرِهِ بِهِ؛ دَلَالَةٍ عَلَيْهِ. فَتَدَبَّرْ أَنَّ النِّسْبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute