للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ن)

فِي إمْكَانِ الْعَادَاتِ: كَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ - وَأَنْتُمْ أَيْضًا قَائِلُونَ بِهِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَإِذَا كَانَ الْجَمَادَاتُ يُمْكِنُ اتِّصَافُهَا بِالْحَيَاةِ وَتَوَابِعِ الْحَيَاةِ ثَبَتَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَوْجُودَاتِ يُمْكِنُ اتِّصَافُهَا بِذَلِكَ فَيَكُونُ الْخَالِقُ أَوْلَى بِهَذَا الْإِمْكَانِ وَإِنْ عَنَيْتُمْ الْإِمْكَانَ الذِّهْنِيَّ - وَهُوَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالِامْتِنَاعِ - فَهَذَا حَاصِلٌ فِي حَقِّ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ امْتِنَاعُ اتِّصَافِهِ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ (الْوَجْهُ السَّادِسُ أَنْ يُقَالَ: هَبْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِلْمِ بِالْإِمْكَانِ الْخَارِجِيِّ فَإِمْكَانُ الْوَصْفِ لِلشَّيْءِ يُعْلَمُ تَارَةً بِوُجُوهِ لَهُ أَوْ بِوُجُودِهِ لِنَظِيرِهِ أَوْ بِوُجُودِهِ لِمَا هُوَ الشَّيْءُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَيَاةَ وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْكَلَامَ: ثَابِتٌ لِلْمَوْجُودَاتِ الْمَخْلُوقَةِ وَمُمْكِنٌ لَهَا. فَإِمْكَانُهَا لِلْخَالِقِ تَعَالَى أَوْلَى وَأَحْرَى؛ فَإِنَّهَا صِفَاتُ كَمَالٍ. وَهُوَ قَابِلٌ لِلِاتِّصَافِ بِالصِّفَاتِ؛ وَإِذَا كَانَتْ مُمْكِنَةً فِي حَقِّهِ فَلَوْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا لَاتَّصَفَ بِأَضْدَادِهَا (الْوَجْهُ السَّابِعُ أَنْ يُقَالَ: مُجَرَّدُ سَلْبِ هَذِهِ الصِّفَاتِ نَقْصٌ لِذَاتِهِ سَوَاءٌ سُمِّيَتْ عَمًى وَصَمَمًا وَبُكْمًا أَوْ لَمْ تُسَمَّ. وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ ضَرُورِيٌّ فَأَمَّا إذَا قَدَّرْنَا مَوْجُودَيْنِ أَحَدُهُمَا يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ وَيَتَكَلَّمُ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ: كَانَ الْأَوَّلُ أَكْمَلَ مِنْ الثَّانِي وَلِهَذَا عَابَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَنْ عَبَدَ مَا تَنْتَفِي فِيهِ هَذِهِ الصِّفَاتُ؛ فَقَالَ تَعَالَى عَنْ