للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهْلِ الظَّاهِرِ: إنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي سَمْنٍ فَقَدْ أَخْطَأَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخُصَّ الْحُكْمَ بِتِلْكَ الصُّورَةِ لَكِنْ لَمَّا اُسْتُفْتِيَ عَنْهَا أَفْتَى فِيهَا وَالِاسْتِفْتَاءُ إذَا وَقَعَ عَنْ قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ نَوْعٍ فَأَجَابَ الْمُفْتِي عَنْ ذَلِكَ خَصَّهُ لِكَوْنِهِ سُئِلَ عَنْهُ؛ لَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْحُكْمِ. وَمِثْلُ هَذَا أَنَّهُ {سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مُضَمِّخَةٌ بِخَلُوقٍ فَقَالَ: انْزِعْ عَنْك الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْك الْخَلُوقَ وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِك مَا كُنْت تَصْنَعُ فِي حَجِّك} فَأَجَابَهُ عَنْ الْجُبَّةِ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ نَحْوُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ.

وَالنَّوْعُ الثَّانِي مِنْ الْقِيَاسِ:

أَنْ يَنُصَّ عَلَى حُكْمٍ لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَعْنَى مَوْجُودًا فِي غَيْرِهِ فَإِذَا قَامَ دَلِيلٌ مِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَعْنَى الْمُشْتَرِكِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ هَذَا قِيَاسًا صَحِيحًا. فَهَذَانِ النَّوْعَانِ كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ يستعملونهم اوَهُمَا مِنْ بَابِ فَهْمِ مُرَادِ الشَّارِعِ؛ فَإِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِكَلَامِ الشَّارِعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْ يُعْرَفَ ثُبُوتُ اللَّفْظِ عَنْهُ وَعَلَى أَنْ يُعْرَفَ مُرَادُهُ بِاللَّفْظِ وَإِذَا عَرَفْنَا مُرَادَهُ: فَإِنَّ عَلِمْنَا أَنَّهُ حُكْمٌ لِلْمَعْنَى الْمُشْتَرِكِ لَا لِمَعْنًى يَخُصُّ