وَمَنْ كَانَ مُتَبَحِّرًا فِي الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى غَالِبِ الْأَحْكَامِ بِالنُّصُوصِ وَبِالْأَقْيِسَةِ. فَثَبَتَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ النَّصِّ وَالْقِيَاسِ دَلَّ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ؛ فَإِنَّ الْقِيَاسَ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ كُلِّ مُسْكِرٍ كَمَا يَدُلُّ النَّصُّ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ لِأَنَّهَا تُوقِعُ بَيْنَنَا الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ وَتَصُدُّنَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ كَمَا دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي جَمِيعِ الْأَشْرِبَةِ الْمُسْكِرَةِ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ شَرَابٍ وَشَرَابٍ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ الْمُشْتَرِكَةِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ تَفْرِيقٌ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَخُرُوجٌ عَنْ مُوجِبِ الْقِيَاسِ الصَّحِيحِ كَمَا هُوَ خُرُوجٌ عَنْ مُوجِبِ النُّصُوصِ وَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ خِلَافُ الْقِيَاسِ لَكِنْ يَقُولُونَ: مَعَنَا آثَارٌ تُوَافِقُهُ اتَّبَعْنَاهَا وَيَقُولُونَ: إنَّ اسْمَ الْخَمْرِ لَمْ يَتَنَاوَلْ كُلَّ مُسْكِرٍ. وَغَلِطُوا فِي فَهْمِ النَّصِّ - وَإِنْ كَانُوا مُجْتَهِدِينَ مُثَابِينَ عَلَى اجْتِهَادِهِمْ - وَمَعْرِفَةُ عُمُومِ الْأَسْمَاءِ الْمَوْجُودَةِ فِي النَّصِّ وَخُصُوصِهَا مِنْ مَعْرِفَةِ حُدُودِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} . وَالْكَلَامُ فِي تَرْجِيحِ نفاة الْقِيَاسِ وَمُثْبِتِيهِ يَطُولُ اسْتِقْصَاؤُهُ لَا تَحْتَمِلُ هَذِهِ الْوَرَقَةُ بَسْطَهُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute