للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلِهَذَا يَكُونُ دُعَاءُ الْغُلَامِ إلَى الْفُجُورِ بِهِ أَعْظَمَ ظُلْمًا مِنْ دُعَاءِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا هَوًى فَيَكُونُ مِنْ بَاب الْمُعَاوَضَةَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَالَ غَرَضَهُ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ غَرَضِ الْآخَرِ فَيَسْقُطُ هَذَا بِهَذَا وَيَبْقَى حَقُّ اللَّهِ عَلَيْهِمَا؛ فَلِهَذَا: لَيْسَ فِي الزِّنَا الْمَحْضِ ظُلْمُ الْغَيْرِ إلَّا أَنْ يُفْسِدَ فِرَاشًا أَوْ نَسَبًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. وَأَمَّا المتلوط فَإِنَّ الْغُلَامَ لَا غَرَضَ لَهُ فِيهِ إلَّا بِرَغْبَةِ أَوْ بِرَهْبَةِ وَالرَّغْبَةُ وَالْمَالُ مِنْ جِنْسِ الْحَاجَاتِ الْمُبَاحَةِ فَإِذَا طَلَبَ مِنْهُ الْفُجُورَ قَدْ يَبْذُلُهُ لَهُ فَهَذَا إذَا رَضِيَ الْآنَ بِهِ مِنْ جِنْسِ ظُلْمِ الْمُؤْتِي لِحَاجَتِهِ إلَى الْمَالِ؛ لَكِنَّ هَذَا الظُّلْمَ فِي نَفْسِهِ وَحُرْمَتِهِ فَهُوَ أَشَدُّ وَكَذَلِكَ اسْتِئْجَارُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَةِ كَالْكِهَانَةِ وَالسِّحْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كُلُّهَا ظُلْمٌ لَهُ؛ وَإِنْ كَانَتْ بِرِضَاهُ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ قَدْ ظَلَمَ الْآخَرَ أَيْضًا بِمَا أَفْسَدَ عَلَيْهِ مِنْ دِينِهِ حَيْثُ وَافَقَهُ عَلَى الذَّنْبِ؛ لَكِنَّ أَحَدَ نَوْعَيْ الظُّلْمِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْآخَرِ وَهَذَا بَابٌ يَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لَهُ فَأَكْثَرُ الذُّنُوبِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ظُلْمِ الْغَيْرِ وَجَمِيعُهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى ظُلْمِ النَّفْسِ.