للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي الْقُرْآنِ مِنْ الْعُهُودِ وَالْمَوَاثِيقِ عَلَى مَا وَجَبَ بِأَمْرِ اللَّهِ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} الْآيَةَ وَقَوْلُهُ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا} إلَى آخِرِ الْكَلَامِ وَقَوْلُهُ: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} وَقَوْلُهُ: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ} الْآيَةَ إلَى قَوْلِهِ: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} فَإِنَّ قَوْلَهُ: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ} بَعْدَ ذِكْرِهِ لِلْإِيمَانِ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْوَفَاءُ بِمُوجَبِ الْعُقُودِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَنَحْوِهَا كَمَا قَالَ فِي آيَةِ الْبَيْعِ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} فَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ هُوَ الْوَفَاءُ بِمُوجَبِ الْعُقُودِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مِنْ الْقَبْضِ وَالتَّسْلِيمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ بِعَقْدِهِ فَقَطْ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} فَعَهْدُ اللَّهِ مَا عَهِدَهُ إلَيْهِمْ وَأَيْمَانُهُمْ مَا عَقَدُوهُ مِنْ الْأَيْمَانِ. وَسَبَبُ نُزُولِهَا قِصَّةُ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي مُحَاكَمَتِهِ مَعَ الْيَهُودِيِّ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ} وَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَالَ كَانَ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ