وَهَذَا التَّقْسِيمُ خَطَأٌ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الَّتِي ذَكَرُوهَا هِيَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ فَلَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهَا وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ فِعْلُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ أَوْ لَا كَالِاسْتِطَاعَةِ فِي الْحَجِّ وَاكْتِسَابِ نِصَابِ الزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلْحَجِّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَإِذَا كَانَ مَالِكًا لِنِصَابِ الزَّكَاةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَالْوُجُوبُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَحْصِيلُ اسْتِطَاعَةِ الْحَجِّ وَلَا مِلْكُ النِّصَابِ؛ وَلِهَذَا مَنْ يَقُولُ: إنَّ الِاسْتِطَاعَةَ فِي الْحَجِّ مِلْكُ الْمَالِ - كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد - فَلَا يُوجِبُونَ عَلَيْهِ الِاكْتِسَابَ وَلَمْ يَتَنَازَعُوا إلَّا فِيمَا إذَا بُذِلَتْ لَهُ الِاسْتِطَاعَةُ إمَّا بَذْلَ الْحَجِّ وَإِمَّا بَذْلَ الْمَالِ لَهُ مِنْ وَلَدِهِ. وَفِيهِ نِزَاعٌ مَعْرُوفٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَد عَدَمُ الْوُجُوبِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ؛ لِكَوْنِ الْأَبِ لَهُ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ يَتَمَلَّكَ مَالَ وَلَدِهِ فَيَكُونُ قَبُولُهُ كَتَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ. وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْوُجُوبُ بِبَذْلِ الِابْنِ بِالْفِعْلِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا: الْفَرْقُ بَيْنَ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوُجُوبُ إلَّا بِهِ وَأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ كَقَطْعِ الْمَسَافَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعَلَى الْمُكَلَّفِ فِعْلُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ لَكِنْ مَنْ تَرَكَ الْحَجَّ وَهُوَ بَعِيدُ الدَّارِ عَنْ مَكَّةَ؛ أَوْ تَرَكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute