فِي بَعْضِ مَا يَذْكُرُهُ: هَذَا كَلَحْمِ خِنْزِيرٍ مَيِّتٍ حَرَامٍ مِنْ وَجْهَيْنِ. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. فَنَقُولُ: لَا نِزَاعَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعِلَّتَيْنِ مُسْتَقِلَّةٌ بِالْحُكْمِ فِي حَالِ الِانْفِرَادِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ اجْتَمَعَ لِهَذَا الْحُكْمِ عِلَّتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُسْتَقِلَّةٌ بِهِ إذَا انْفَرَدَتْ فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِيهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: يَجُوزُ تَعْلِيلُهُ بِعِلَّتَيْنِ عَلَى الْبَدَلِ بِلَا نِزَاعٍ. وَلَا يَتَنَازَعُ الْعُقَلَاءُ أَنَّ الْعِلَّتَيْنِ إذَا اجْتَمَعَتَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحُكْمَ الْوَاحِدَ ثَبَتَ بِكُلِّ مِنْهُمَا حَالَ الِاجْتِمَاعِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ؛ فَإِنَّ اسْتِقْلَالَ الْعِلَّةِ بِالْحُكْمِ هُوَ ثُبُوتُهُ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا. فَإِذَا قِيلَ: ثَبَتَ بِهَذِهِ دُونَ غَيْرِهَا؛ وَثَبَتَ بِهَذِهِ دُونَ غَيْرِهَا: كَانَ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَكَانَ التَّقْدِيرُ: ثَبَتَ بِهَذِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ بِهَا؛ وَثَبَتَ بِهَذِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ بِهَا فَكَانَ ذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ إثْبَاتِ التَّعْلِيلِ بِكُلِّ مِنْهُمَا وَبَيْنَ نَفْيِ التَّعْلِيلِ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذَا مَعْنَى مَا يُقَالُ: إنَّ تَعْلِيلَهُ بِكُلِّ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ يَنْفِي ثُبُوتَهُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَمَا أَفْضَى إثْبَاتُهُ إلَى نَفْيِهِ كَانَ بَاطِلًا. وَهُنَا يَتَقَابَلُ الْنُّفَاةِ وَالْمُثْبِتَةُ؛ وَالنِّزَاعُ لَفْظِيٌّ؛ فَتَقُولُ الْنُّفَاةِ: إثْبَاتُ الْحُكْمِ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ يُنَافِي إثْبَاتَهُ بِالْأُخْرَى عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِقْلَالِ. وَتَقُولُ الْمُثْبِتَةُ: نَحْنُ لَا نَعْنِي بِالِاسْتِقْلَالِ: الِاسْتِقْلَالَ فِي حَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute