للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْإِضَافَةِ بَلْ دَلَالَةُ الْإِضَافَةِ عَلَى مَعْنَاهُ كَدَلَالَةِ سَائِرُ الْأَلْفَاظِ الْمُضَافَةِ فَكُلُّ لَفْظٍ أُضِيفَ إلَى لَفْظٍ دَلَّ عَلَى مَعْنًى يَخْتَصُّ ذَلِكَ الْمُضَافُ إلَيْهِ فَكَمَا إذَا قِيلَ: يَدُ زَيْدٍ وَرَأْسُهُ؛ وَعِلْمُهُ وَدِينُهُ؛ وَقَوْلُهُ وَحُكْمُهُ وَخَبَرُهُ: دَلَّ عَلَى مَا يَخْتَصُّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دِينُ زَيْدٍ مِثْلَ دِينِ عَمْرٍو؛ بَلْ دِينُ هَذَا الْكُفْرُ وَدِينُ هَذَا الْإِسْلَامُ وَلَا حُكْمُهُ مِثْلُ حُكْمِهِ؛ بَلْ هَذَا الْحُكْمُ بِالْجَوْرِ وَهَذَا الْحُكْمُ بِالْعَدْلِ وَلَا خَبَرُهُ مِثْلُ خَبَرِهِ؛ بَلْ خَبَرُ هَذَا صِدْقٌ وَخَبَرُ هَذَا كَذِبٌ وَكَذَلِكَ إذَا قِيلَ: لَوْنُ هَذَا وَلَوْنُ هَذَا كَانَ لَوْنُ كَلٍّ مِنْهُمَا يَخْتَصُّ بِهِ وَإِنْ كَانَ هَذَا أَسْوَدَ وَهَذَا أَبْيَضَ. فَقَدْ يَكُونُ اللَّفْظُ الْمُضَافُ وَاحِدًا مَعَ اخْتِلَافِ الْحَقَائِقِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَإِنَّمَا يُمَيِّزُ اللَّوْنُ أَحَدَهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِإِضَافَتِهِ إلَى مَا يُمَيِّزُهُ. فَإِنْ قِيلَ: لَفْظُ الْكَوْنِ وَالدِّينِ وَالْخَبَرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَعُمُّ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ؛ فَكَانَتْ عَامَّةً؛ وَتُسَمَّى مُتَوَاطِئَةً؛ بِخِلَافِ لَفْظِ الرَّأْسِ وَالظَّهْرِ وَالْجَنَاحِ فَإِنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا تَنْصَرِفُ إلَى أَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ. قِيلَ: فَهَبْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ: أَلَيْسَتْ بِالْإِضَافَةِ اخْتَصَّتْ؟ فَكَانَتْ عَامَّةً مُطْلَقَةً ثُمَّ تَخَصَّصَتْ بِالْإِضَافَةِ أَوْ التَّعْرِيفِ فَهِيَ مِنْ بَابِ اللَّفْظِ الْعَامِّ إذَا خُصَّ بِإِضَافَةِ أَوْ تَعْرِيفٍ. وَتَخْصِيصُهُ بِذَلِكَ كَتَخْصِيصِهِ بِالصِّفَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ؛ وَالْبَدَلِ وَالْغَايَةِ كَمَا يُقَالُ: اللَّوْنُ الْأَحْمَرُ وَالْخَبَرُ الصَّادِقُ