للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْ قِيلَ: أَلْفٌ إلَّا خَمْسِينَ فَقَدْ تَغَيَّرَتْ دَلَالَتُهَا بِالْإِطْلَاقِ وَالتَّقْيِيدِ. ثُمَّ إنَّهُ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ اللَّفْظُ الْمُعَيَّنُ فِي غَيْرِ مَا اُسْتُعْمِلَ فِيهِ أَوَّلًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ: {رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ؛ وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ: وَذُرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وَقَالَ: {وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ} قَدْ أَضَافَ الرَّأْسَ إلَى الْأَمْرِ: وَهَذَا اللَّفْظُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي رَأْسِ الْحَيَوَانِ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالُوا: رَأْسُ الْمَالِ؛ وَالشَّرِيكَانِ يَقْتَسِمَانِ مَا يَفْضُلُ بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُضَارِبُ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ فَلَفْظُ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي رَأْسِ الْحَيَوَانِ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ رَأْسِ الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ جِنْسًا أَوْ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ. وَأَيْضًا فَقَوْلُهُمْ: تِلْكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إلَى أَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ عَنْهُ جَوَابَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّفْظَ لَا يُسْتَعْمَلُ قَطُّ مُطْلَقًا لَا يَكُونُ إلَّا مُقَيَّدًا؛ فَإِنَّهُ إنَّمَا تَقَيَّدَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَالتَّرْكِيبِ إمَّا فِي جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ أَوْ فِعْلِيَّةٍ مِنْ مُتَكَلِّمٍ مَعْرُوفٍ قَدْ عُرِفَتْ عَادَاتُهُ بِخِطَابِهِ؛ وَهَذِهِ قُيُودٌ يَتَبَيَّنُ الْمُرَادُ بِهَا.