للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْقُرْءُ: هُوَ الدَّمُ لِظُهُورِهِ وَخُرُوجِهِ وَكَذَلِكَ الْوَقْتُ؛ فَإِنَّ التَّوْقِيتَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَمْرِ الظَّاهِرِ. ثُمَّ الطُّهْرُ يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْقُرْءِ تَبَعًا كَمَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ فِي اسْمِ الْيَوْمِ {قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْتَحَاضَةِ: دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِك} وَالطُّهْرُ الَّذِي يَتَعَقَّبُهُ حَيْضٌ هُوَ قُرْءٌ فَالْقُرْءُ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ. وَأَمَّا الطُّهْرُ الْمُجَرَّدُ فَلَا يُسَمَّى قُرْءًا؛ وَلِهَذَا إذَا طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ حَيْضَةٍ لَمْ تَعْتَدَّ بِذَلِكَ قُرْءًا؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ وَإِذَا طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ طُهْرٍ كَانَ الْقُرْءُ الْحَيْضَةَ مَعَ مَا تَقَدَّمَهَا مِنْ الطُّهْرِ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ عَلَى أَنَّ الْأَقْرَاءَ الْحَيْضُ كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِتَرَبُّصِ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ؛ فَلَوْ كَانَ الْقُرْءُ هُوَ الطُّهْرُ لَكَانَتْ الْعِدَّةُ قُرْأَيْنِ وَبَعْضَ الثَّالِثِ فَإِنَّ النِّزَاعَ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ؛ فَإِنَّ أَكَابِرَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ يَقُولُونَ: هُوَ أَحَقُّ بِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَصِغَارَ الصَّحَابَةِ إذَا طَعَنَتْ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ حَلَّتْ فَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَقَدْ مَضَى بَعْضُ الطُّهْرِ وَاَللَّهُ أَمَرَ أَنْ يُطَلِّقَ لِاسْتِقْبَالِ الْعِدَّةِ لَا فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} عَدَدٌ لَيْسَ هُوَ كَقَوْلِهِ: أَشْهُرٍ؛ فَإِنَّ ذَاكَ صِيغَةُ جَمْعٍ لَا عَدَدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ لَا يَكْفِي بَعْضُ الثَّالِثِ.