للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَدِيمٌ؛ وَالْقَدِيمُ لَا يَسْبِقُ بَعْضُهُ بَعْضًا؛ فَإِنَّ السَّابِقَ وَالْمَسْبُوقَ مِنْ صِفَاتِ بَعْضِهِ الْحَادِثِ مِنْ الزَّمَانِ. قُلْت: فَقَدْ جُعِلَ هَذَا اللَّفْظُ مُتَوَاطِئًا دَالًّا عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ كَسَائِرِ الْأَسْمَاءِ الْمُتَوَاطِئَةِ وَلَكِنَّهُ يَخْتَصُّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ بِقَدْرِ مُتَمَيِّزٍ لِمَا امْتَازَ بِهِ مِنْ الْقَرِينَةِ كَمَا فِي مَا مَثَّلَهُ بِهِ مِنْ السَّوَادِ وَهَذَا بِعَيْنِهِ. يَرُدُّ عَلَيْهِ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ لِلْمَجَازِ.

قَالَ: وَمِنْ أَدِلَّةِ الْمَجَازِ مَا زَعَمَ الْمُسْتَدِلُّونَ لَهُ مِنْ أَجْوَدِ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الْنُّفَاةِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} وقَوْله تَعَالَى {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ} وَالصَّلَوَاتُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: إمَّا الْأَدْعِيَةُ وَإِمَّا الْأَفْعَالُ الْمَخْصُوصَةُ وَكِلَاهُمَا لَا يُوصَفُ بِالتَّهَدُّمِ وَالْجَمَادُ لَا يَتَّصِفُ بِالْإِرَادَةِ. فَإِنْ قِيلَ: كَانَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ تَسْمِيَةُ الْمُصَلَّى صَلَاةً وَقَدْ وَرَدَ فِي التَّفْسِيرِ: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} أَعْضَاءُ السُّجُودِ. وَالْجِدَارُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إرَادَةٌ لَكِنَّهُ لَا يَسْتَحِيلُ مِنْ اللَّهِ فِعْلُ الْإِرَادَةِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ أَبْنِيَةٍ مَخْصُوصَةٍ. فَيُقَالُ: هَذَا دَعْوَى عَنْ الْوَضْعِ: إذْ لَا يُعْلَمُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَصْلِ