للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَّا الدُّعَاءُ وَزِيدَ فِي الشَّرْعِ أَوْ نُقِلَ إلَى الْأَفْعَالِ الْمَخْصُوصَةِ فَأَمَّا الْأَبْنِيَةُ فَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ نَقْلٍ عَنْ الْعَرَبِ وَإِنْ سُمِّيَتْ صَلَوَاتٍ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِعَارَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَوَاضِعُ الصَّلَوَاتِ. وَلَوْ خَلَقَ اللَّهُ فِي الْجِدَارِ إرَادَةً لَمْ يَكُنْ بِهَا مُرِيدًا كَمَا لَوْ خَلَقَ فِيهِ كَلَامًا لَمْ يَكُنْ بِهِ مُتَكَلِّمًا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ الْمُرَادُ بِهَا عِيسَى نَفْسُهُ: فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمَصْدَرَ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمَفْعُولِ بِهِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَقَوْلِهِمْ: هَذَا دِرْهَمُ ضَرْبُ الْأَمِيرِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ الْمَأْمُورِ بِهِ أَمْرًا وَالْمَقْدُورِ قُدْرَةً وَالْمَرْحُومِ بِهِ رَحْمَةً وَالْمَخْلُوقِ بِالْكَلِمَةِ كَلِمَةً لَكِنَّ هَذَا اللَّفْظَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ مَعَ مَا يَقْتَرِنُ بِهِ مِمَّا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ كَقَوْلِهِ: {يَا مَرْيَمُ إنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} فَبَيَّنَ أَنَّ الْكَلِمَةَ هُوَ الْمَسِيحُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَسِيحَ نَفْسَهُ لَيْسَ هُوَ الْكَلَامُ {قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فَبَيَّنَ لَمَّا تَعَجَّبَتْ مِنْ الْوَلَدِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ؛ إذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِمَّا يَخْلُقُهُ اللَّهُ بِقَوْلِهِ: {كُنْ فَيَكُونُ} وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: عِيسَى مَخْلُوقٌ بالكن؛ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ الكن