للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَاءَ إذَا لَاقَاهَا نَجُسَ الْمَاءُ ثُمَّ إذَا صُبَّ مَاءٌ آخَرُ لَاقَى الْأَوَّلَ. وَهَلُمَّ جَرَّا قَالُوا: فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنَّهَا تُنَجِّسُ الْمِيَاهَ الْمُتَلَاحِقَةَ وَالنَّجِسَ لَا يُزِيلُ النَّجَسَ. وَهَذَا غَلَطٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ لِمَ قُلْتُمْ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا لَاقَى النَّجَاسَةَ نَجُسَ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: لِأَنَّهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَذَلِكَ. قِيلَ: الْحُكْمُ فِي الْأَصْلِ مَمْنُوعٌ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: الْمَاءُ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ وَمَنْ سَلَّمَ الْأَصْلَ قَالَ لَيْسَ جَعْلُ الْإِزَالَةِ مُخَالِفَةً لِلْقِيَاسِ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِ تَنَجُّسِ الْمَاءِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ بِأَنْ يُقَالَ: الْقِيَاسُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا لَاقَى نَجَاسَةً لَا يَنْجُسُ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَاقَاهَا حَالَ الْإِزَالَةِ لَا يَنْجُسُ فَهَذَا الْقِيَاسُ أَصَحُّ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ تَزُولُ بِالْمَاءِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا تَنَجُّسُ الْمَاءِ بِالْمُلَاقَاةِ فَمَوْرِدُ نِزَاعٍ فَكَيْفَ يُجْعَلُ مَوَاقِعُ النِّزَاعِ حُجَّةً عَلَى مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقَاسَ مَوَارِدُ النِّزَاعِ عَلَى مَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ. ثُمَّ يُقَالُ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَعْقُولُ أَنَّ الْمَاءَ إذَا لَمْ تُغَيِّرْهُ النَّجَاسَةُ لَا يَنْجُسُ؛ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ خَلْقِهِ وَهُوَ طَيِّبٌ دَاخِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي الْمَائِعَاتِ جَمِيعِهَا إذَا وَقَعَتْ فِيهَا نَجَاسَةٌ فَاسْتَحَالَتْ حَتَّى لَمَّ يَظْهَرُ طَعْمُهَا